الموسوعة الحديثية


- عن سلمةَ بنِ الأكوعِ قالَ : أغارَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ عيينةَ علَى إبلِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقتلَ راعيَها فخرجَ يطردُها هوَ وأناسٌ معَه في خيلٍ فجعلتُ وجهي قِبلَ المدينةِ ثمَّ ناديتُ ثلاثَ مرَّاتٍ يا صباحاهُ ثمَّ اتَّبعتُ القومَ فجعلتُ أرْمي وأعقرُهم فإذا رجعَ إليَّ فارسٌ جلستُ في أصلِ شجرةٍ حتَّى ما خلقَ اللَّهُ شيئًا من ظَهرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إلَّا جعلتُه وراءَ ظَهري وحتَّى ألقَوا أكثرَ من ثلاثينَ رمحًا وثلاثينَ بُردةً يستخفُّونَ منها ثمَّ أتاهم عيينةُ مَددًا فقالَ ليَقم إليهِ نفرٌ منكم فقامَ إليَّ أربعةٌ منهم فصعَدوا الجبلَ فلمَّا أسمعتُهم قلتُ أتعرفوني قالوا ومَن أنتَ قلتُ أنا ابنُ الأكوعِ والَّذي كرَّمَ وجهَ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يطلبُني رجلٌ منكم فيدرِكني ولا أطلبُه فيفوتُني فما بَرحتُ حتَّى نظرتُ إلى فوارسِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يتخلَّلونَ الشَّجرَ أوَّلُهمُ الأخرمُ الأسديُّ فيلحقُ بعبدِ الرَّحمنِ بنِ عُيَينةَ ويعطفُ عليهِ عبدُ الرَّحمنِ فاختلفا طعنتَينِ فعقرَ الأخرمُ عبدَ الرَّحمنِ وطعنَه عبدُ الرَّحمنِ فقتلَه فتحوَّلَ عبدُ الرَّحمنِ علَى فرسِ الأخرمِ فيلحقُ أبو قتادةَ بعبدِ الرَّحمنِ فاختلفا طعنتَينِ فعقرَ بأبي قتادةَ وقتلَه أبو قتادةَ فتحوَّلَ أبو قتادةَ علَى فرسِ الأخرمِ ثمَّ جئتُ إلى رسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ علَى الماءِ الَّذي جلَّيتُهم عنهُ ذو قردٍ فإذا نبيُّ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في خمسِ مائةٍ فأعطاني سَهمَ الفارسِ والرَّاجلِ
خلاصة حكم المحدث : حسن صحيح
الراوي : سلمة بن الأكوع | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2752
| التخريج : أخرجه أبو داود (2752) واللفظ له وأخرجه البخاري (4194) بنحوه ومسلم (1807) مطولا.
التصنيف الموضوعي: جهاد - الشجاعة في الحرب والجبن غنائم - الغنائم وتقسيمها مغازي - غزوة ذي قرد مناقب وفضائل - سلمة بن الأكوع جهاد - سهم الفارس
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُوزِّعُ الغَنائِمَ على المقاتِلين كما أمَرَهُ اللهُ سُبحانَهُ وفَوَّضَه، وكانَ الصَّحابيُّ الجليلُ سلَمةُ بنُ الأَكْوَعِ رضِيَ اللهُ عنه مِقدَامًا شُجاعًا، يُدافِعُ عَنْ حُرَمِ الإسلامِ بِكُلِّ قُوَّتِه، وقدْ ظَهرَ ذلك في مَواقِفَ كَثيرةٍ، وهَذا الحديثُ يُوضِّحُ جانبًا مِن ذلكَ، حيثُ يَحكِي سَلمةُ بنُ الأَكْوعِ رضِيَ اللهُ عنه، أنَّه: «أَغارَ عَبدُ الرَّحمنِ بْنُ عُيينةَ»، أي: هَجَمَ، «على إِبِلِ رَسولِ اللهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقَتلَ راعِيَها وَخَرجَ يَطرُدُها»، أي: يَسوقُ الإبِلَ لِيأخُذَها، «هو وأُناسٌ معه في خَيلٍ»، أي: ومعه فرسانٌ بِخيولِهم، «فَجعَلتُ وَجْهي قِبَلَ المدينة ثُمَّ نَاديتُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ: يا صَباحاهُ»، وهي كَلِمةٌ يَقولها المُستَغيثُ للتَّحذيرِ من شَرٍّ أو عَدوٍّ، «ثُمَّ اتَّبَعْتُ القَومَ فَجعلتُ أَرْمي وأعْقِرَهم»، أي: أَرْمي بِالسِّهامِ وأقْتُل مَركوبَهم وخُيولَهم وأجْعَلهم راجِلينَ بِعَقْر دَوابِّهم، «فإذا رَجعَ إِليَّ فارِسٌ جَلستُ في أصْلِ شَجَرةٍ»، أي: مُتوارِيًا في جِذعِ شَجَرةٍ، «حتى ما خَلَقَ اللهُ شيئًا من ظَهْرِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلا جَعلْتُه وراءَ ظَهْرِي»، والظَّهرُ: هي الإبِلُ التي أخَذوها، ويُريدُ أن جَميعَ ما أخَذوه من إبِلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أخَذْتُه منهم وتَركْتُه خَلْفي، وجَعَل يَتتَبَّعهم، «وحتى أَلْقَوا أكْثَرَ من ثَلاثينَ رُمحًا وثَلاثينَ بُردةً»، وهي كِساءٌ صَغيرٌ مُربَّعٌ، أو كِساءٌ أسودُ صَغيرٌ، «يَستَخِفُّونَ منها»، أي: يَطلبونَ الخِفَّةَ منها؛ ليكونوا أسْرعَ في الفِرارِ والهَربِ منه، «ثم أتاهُمْ عُيينةُ مَدَدًا»؛ وهو عُيينةُ بْنُ حِصن والد عَبدِ الرَّحمن الذي أغارَ على الإِبلِ، والمَددُ: هو مَن يَنصُرُهم ويُعينُهم، «فَقَالَ» أي: عُيينةُ: «لِيقُم إليه نَفرٌ منكم، فقام إِليَّ أرْبَعةٌ منهم فصَعِدوا الجَبلَ، فلمَّا أسْمَعْتُهم»، أي: قَدرْتُ على إِسْماعِهم بِقُربِهم منِّي، «قلتُ: أتَعْرِفوني؟ قالوا: ومَن أنْتَ؟ قلتُ: أنا ابْنُ الأكْوَع، والذي كَرَّم وَجْهَ مُحمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لا يَطلُبُني رَجلٌ مِنكُم»، أي: يُطارِدُني ويُريدُ قَتْلي، «فَيُدرِكُني، ولا أَطْلُبُه فَيَفوتُني»، وهذا تَهديدٌ لهم بِأنَّهم لن يَفوزوا به، بل هو مَن سَيقتُلُهم؛ قال: «فما بَرِحتُ حتى نَظرتُ إلى فَوارسِ رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ»؛ والفوارسُ: جمعُ فارِسٍ وهم المقاتِلونَ على الخَيلِ، «يَتخَلَّلونَ الشَّجرَ»، أي: يَدخُلونَ من بين الشَّجرِ، «أَوَّلُهم الأَخْرَمُ الأسَدِيُّ، فيَلْحَق بِعبْدِ الرَّحمنِ بْن عُيينةَ، ويعْطِفُ عليه عبدُ الرَّحمنِ فاخْتلَفا طَعنَتين فَعَقر الأخْرَمُ عَبدَ الرَّحمن»، أي: قَتلَ الأخْرَمُ الأسَدِيُّ دَابَّةَ عبد الرحمن، «وطَعَنَه عَبدُ الرَّحمن فَقَتلَه»، أي: فقتَل عَبدُ الرَّحمن رَئيسُ المُشركين الأخْرمَ الأَسَديَّ، «فتَحوَّل عَبدُ الرَّحمنِ عَلى فَرسِ الأخْرَم»، أي: أخَذه لِيفِرَّ به، «فَيلحَق أبو قَتادة بِعبْد الرَّحمن، فاخْتَلفَا طَعْنَتين فَعَقَرَ بأبي قَتادَةَ» أي: قَتَلَ دابَّةَ أبي قَتادة، «وَقتلَه أبو قَتادة، فَتحَوَّل أبو قَتادةَ على فَرسِ الأخْرَم، ثُمَّ جِئتُ إلى رَسولِ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو على الماءِ الذي جَلَّيْتُهم عنه»، أي: طَردْتُهم عنه، «ذو قَرَدٍ»؛ وهو مَاءٌ بين المدينةِ وخَيبرَ على مَسافةِ يَومٍ من المدينةِ، أي: يَقَعُ على بُعدِ ثَلاثينَ كيلومترًا تقريبًا منها، «فإذا نَبيُّ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في خَمسِ مِئة»، أي: وَجدَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَاكبًا في خَمسِ مِئة رَجُلٍ، كانوا يَتجَهَّزونَ للُّحوقِ بهم، «فأعْطاني سَهمَ الفارِسِ والرَّاجِلِ»؛ والفارسُ له سَهمٌ لِنفْسِه وسَهمٌ لِفرَسِه، والرَّاجِلُ- وهو الذي قاتَل عَلى رِجلَيهِ- له سَهمٌ وَاحدٌ، وقيل: يُشبِه أن يَكونَ إنَّما أعْطاهُ من الغَنيمةِ سَهْمَ الرَّاجِلِ؛ لأنَّ سَلمةَ كَان راجِلًا في ذلك اليومَ، وأعطاهُ الزِّيادةَ نَفلًا لِما كان مِن حُسنِ بَلائِه.
وفي الحديث: بيانُ شَجاعةِ سَلمةَ بنِ الأكْوَعِ ومَنْقَبتِه، حَيثُ كان خيرَ رِجالِ المسلمينَ في هذِه الواقعةِ.
وفيه: أنَّ للنَّبيِّ أنْ يُوزِّعَ الغنائِمَ كيف شاءَ على المُقاتِلينَ وأنْ يَزيدَ مَنْ كان له بَلاءٌ في القِتالِ.
وفيه: بَيانُ اخْتِلافِ أسْهُمِ المحارِبينَ في الجِهادِ لاختلافِ دَورِ كلٍّ مِنهم ولاختلافِ جهْدِه( ).
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها