الموسوعة الحديثية


- ليشرَبنَّ ناسٌ من أمَّتي الخمرَ يُسمُّونَها بغيرِ اسمِها، يُعزَفُ علَى رءوسِهِم بالمعازفِ، والمغنِّياتِ، يخسِفُ اللَّهُ بِهِمُ الأرضَ، ويجعَلُ منهمُ القِرَدةَ والخَنازيرَ
الراوي : أبو مالك الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 3263 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (3688)، وأحمد (22900) مختصراً، وابن ماجه (4020) واللفظ له
الخَمرُ أمُّ الخبائثِ، وقد حَذَّر الشَّرعُ مِن شُربِ الخَمرِ؛ لِما يتَرتَّبُ عليها مِن ضرَرٍ؛ فإنَّها تُغيِّبُ العقلَ، فتَقودُ الإنسانَ إلى ارتكابِ المعاصي والذُّنوبِ وما لا يُحمَدُ عُقْباه، كما حذَّر الشَّرعُ مِن التَّحايُلِ لِمُحاولةِ تَحليلِها.وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو مالكٍ الأشعريُّ رَضِي اللهُ عنه: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "لَيَشرَبنَّ ناسٌ مِن أمَّتيَ الخمرَ يُسمُّونها بغيرِ اسمِها"، أي: يُطْلِقون عليها مُسمَّياتٍ أخرى مع وجودِ عِلَّةِ الإسكارِ فيها، "يُعزَفُ على رُؤوسِهم بالمعازِفِ" وهي آلاتُ الطَّرَبِ وغيرُها، "والمغنِّيَاتِ"، أي: النِّساءِ اللَّاتي يُغنِّين بالشِّعرِ والكلامِ، وإذا اقتَرن شُربُ الخمرِ مع الغِناءِ فإنَّه يكونُ أشَدَّ خَلاعةً فيَكونُ أشدَّ حُرمةً والخمرُ حرامٌ؛ لقولِه تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]، وبيَّنَتِ السُّنَّةُ أنَّ الخمرَ هي المادَّةُ الَّتي تغطِّي العقلَ بالسُّكْرِ؛ فكلُّ مادَّةٍ حصَل بها الإسكارُ فهي خَمرٌ محرَّمةٌ، وإن لم تُسَمَّ خَمرًا؛ ولا يُغنِيهم ذلك عن العُقوبةِ؛ لقولِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "كلُّ مُسكِرٍ خمرٌ، وكلُّ خمرٍ حرامٌ"، وقولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "ما أسكَرَ كثيرُه فقليلُه حرامٌ"، ولقد ظهَرَ صِدقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم؛ فإنَّ أناسًا يَشرَبون الخمرَ ويُسمُّونها بغيرِ اسمِها؛ فبَعضُهم يُسمِّيها بالشَّرابِ الرُّوحيِّ، وما أشنَعَ هذا القولَ وأبطَلَه وأكذَبَه! فكيف يكونُ هذا الشَّرابُ المزيلُ للعقلِ المميتُ للقلبِ المبعِدُ عن الرَّبِّ، كيف يكونُ شرابًا رُوحيًّا؟! وما هو إلَّا شرابٌ خبيثٌ، يُفسِدُ العقلَ، ويُفسِدُ الدِّينَ، ويُفسِدُ الفِكرَ أيضًا.ثُمَّ بيَّن النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عُقوبةَ هؤلاءِ، فقال: "يَخسِفُ اللهُ بهم الأرضَ"، أي: تَغوصُ الأرضُ بهم، "ويَجعَلُ مِنهم القِرَدةَ والخنازيرَ"، وهذا هو المسخُ وهو مَسْخٌ مادِّيٌّ حقيقيٌّ؛ فكلامُ اللهِ سبحانه ورسولِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يجِبُ أن يُؤخَذَ على ظاهرِه بدونِ تأويلٍ، إلَّا بدليلٍ شرعيٍّ أو عقليٍّ أو حسِّيٍّ ظاهرٍ؛ فهذا المسخُ سيَكونُ حقيقيًّا بتحويلِ الصُّورةِ قِرَدةً وخنازيرَ حقيقيِّين، كما قُلِب أهلُ القريةِ مِن بني إسرائيلَ قِردةً. ... وفي الحديثِ: عَلَمٌ مِنْ أعلامِ النُّبوَّةِ، حيثُ أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بما يكونُ بعدَه، وَقَد وقَع ذلك كما أخبَر. ... وفيه: وعيدٌ شديدٌ لِمَنْ يتَحيَّلُ في تَحليلِ ما يُحرَّمُ بتغييرِ اسْمِه، وأنَّ الحُكمَ يَدورُ مع العِلَّةِ وُجودًا وعدَمًا، والعلَّةُ في تحريمِ الخمرِ الإسكارُ