الموسوعة الحديثية


- غُشينا ونحنُ في مصافِّنا يومَ أحدٍ ، حدَّثَ أنَّهُ كانَ فيمَن غشيَهُ النُّعاسُ يَومئذٍ قالَ : فجعلَ سَيفي يسقطُ مِن يدي وآخذُهُ ، ويسقطُ مِن يدي وآخذُهُ ، والطَّائفةُ الأُخرَى المُنافقونَ لَيسَ لَهُم همٌّ إلَّا أنفسُهُم ، أجبنُ قَومٍ وأرغبُهُ وأخذلُهُ للحقِّ
الراوي : أبو طلحة الأنصاري زيد بن سهل | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي | الصفحة أو الرقم : 3008 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كانتْ غزوةُ أُحدٍ بين المُسلِمين وقُريشٍ في شوَّالٍ في السَّنةِ الثَّالثةِ من الهِجرةِ، وأُحدٌ جبَلٌ من جِبالِ المدينةِ، وكان يومُ أُحدٍ يومًا عَصيبًا على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعلى المُسلِمين؛ لِما كان فيه مِن الهَزيمةِ والقتْلِ للمُسلِمين، وقد قدَّمَ بعضُ الصَّحابةِ في ذلك اليومِ أفضَلَ النَّماذجِ وأروعَها؛ فصَبروا مع النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وقاتلوا بضراوةٍ.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو طلحةَ الأنصاريُّ رضِيَ اللهُ عنه: "غُشِينا ونحنُ في مَصافِّنا يومَ أُحدٍ"، أي: نزَلَ علينا النُّعاسُ ونحن في أماكنِنا، "حدَّثَ: أنَّهُ كانَ فيمَن غشِيَهُ النُّعاسُ يَومئذٍ"، أي: وكان أبو طلحةَ رضِيَ اللهُ فيمَن كان يغلِبُه النُّعاسُ والنَّومُ، قال أبو طلحةَ رضِيَ اللهُ عنه: "فجعَلَ سَيفي يسقُطُ مِن يدي وآخذُهُ، ويسقُطُ مِن يدي وآخذُهُ"، وهذا إشارةٌ وبَيانٌ لِما كان به من حرْصٍ واجتهادٍ في طرْدِ النَّومِ والقيامِ بمَهامِّه على الوجْهِ الأكملِ، إلَّا أنَّ هذا النَّومَ والنُّعاسَ أمَنةٌ وطُمأنينةٌ من اللهِ للمُؤمنينَ، أنَّه ينصُرُهم في كلِّ أحوالِهم، ولكنَّ الهزيمةَ في أُحدٍ كانت اختبارًا وابتلاءً لهم؛ حتَّى لا يُخالفوا أوامرَ اللهِ ورسولِه صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وكان أهلُ اليَقينِ جازمينَ بأنَّ اللهَ سينصُرُ رسولَه، "والطَّائفةُ الأُخرى- المُنافقونَ- ليس لهم همٌّ إلَّا أنفُسُهم؛ أجبَنُ قَومٍ وأرغَبُه"، أي: حرَصوا على الخَوفِ واستَجابوا له، "وأخْذَلُه للحقِّ"، أي: لا يَنصُرونه، يرغَبون بأنْفُسِهم عنه؛ فهم أهلُ شكٍّ ورَيبٍ في اللهِ عَزَّ وجَلَّ، يظنُّون فيه غيرَ الحقِّ ظَنَّ الجاهليَّةِ، ولهذا لم يغْشَهمُ النُّعاسُ؛ لأنَّهم مُستغرِقون في همِّ أنفُسِهم، فلا تنزِلُ عليهم السَّكينةُ؛ لأنَّها أمْرٌ قلْبيٌّ رُوحانيٌّ لا يتلوَّثُ بهم وبنِفاقِهم، بلْ ينزِلُ على القُلوبِ المُتيقِّنةِ باللهِ، وهذا كما قال اللهُ تعالى: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} [آل عمران: 154].
وفي الحديثِ: بَيانُ أنَّ اللهَ يُثبِّتُ عِبادَه المُؤمنينَ الموقِنينَ بمَعِيَّتِه ونصْرِه في أشدِّ المواقفِ.
وفيه: أنَّ نصْرَ اللهِ وأمْنَه لا يطولُ قُلوبَ المُنافقينَ.