الموسوعة الحديثية


- صَحِبْتُ سعدَ بنَ مالِكٍ منَ المدينةِ إلى مَكَّةَ ، فما سَمِعْتُهُ يحدِّثُ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ بحديثٍ واحدٍ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : السائب بن يزيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 27
| التخريج : أخرجه ابن ماجه (29) واللفظ له، والدورقي في ((مسند سعد)) (134)
التصنيف الموضوعي: علم - اتقاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والتثبت فيه مناقب وفضائل - سعد بن مالك مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
|أصول الحديث
كان الصَّحابةُ رضِيَ اللهُ عنهم يَحفظونَ حديثَ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومَن حضَرَ يُبلِّغُ الغائبَ بما سمِعَ ورأى، دونَ زِيادةٍ أو نُقصانٍ، وكانوا صادقينَ في كلِّ أحوالِهم، ومع ذلك كان كثيرٌ منهم يَتحرَّزُ من كَثرةِ الرِّوايةِ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لتَخوُّفِهم من الخطأِ أو التَّقوُّلِ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.
وفي هذا الأثَرِ يقولُ السَّائبُ بنُ يَزيدَ رضِيَ اللهُ عنه: "صحِبْتُ سعدَ بنَ مالكٍ" وهو الصحابيُّ الجليلُ سعدُ بنُ أبي وقَّاصٍ رضِيَ اللهُ عنه، "مِن المدينةِ إلى مكَّةَ"، أي: في سَفرٍ، "فما سمِعْتُه يُحدِّثُ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بحديثٍ واحدٍ"، وذلك هيبةً منه للتَّحديثِ في كلِّ وقتٍ؛ لأنَّ بعضَ النَّاسِ بعد الصَّحابةِ كانوا يَجْمعونَ السُّنَّةَ والآثارَ ويُكثِرونَ التَّحديثَ كحاطِبِي ليلٍ دونَ تَمييزٍ، فكان الصَّحابةُ يُعلِّمونَهم التَّحرُّزَ والخوفَ من عدَمِ التَّثبُّتِ في الرِّوايةِ، وكان هذا شأْنَ كلِّ الصَّحابةِ رضِيَ اللهُ عنهم؛ أنَّهم لا يقولون الحديثَ إلَّا إذا احْتِيجَ إليه وفي مَوضعِه، وفي صَحيحِ مُسلِمٍ عن ابنِ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما ما يُوضِّحَ ذلك، حيثُ قال: "إنَّا كنَّا إذا سمِعْنَا رجُلًا يقول: قال رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ابْتَدَرَتْه أبصارُنا، وأَصْغينا إليه بآذانِنا"، أي: كنَّا- أصحابَ مُحمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- إذا سمِعْنا صَحابيًّا يُحدِّثُ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ تَسابَقْنا إليه وأسرَعْنا لنسْمَعَه ونعرِفَ ما عنده؛ لأنَّهم كانوا يعرِفونَ حقَّ أحاديثِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ويُنْزِلونَها منازِلَها، ويُؤدُّونَها في وقتِها المُناسِبِ، ولا يَكذِبونَ على رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، بل يقولونَ ما سمِعُوه منه، أو ما علِمُوه حقًّا لا تَخمينًا، وقد ظَلَّ هذا الأمرُ في التَّابعينَ كذلِك، قبلَ ظُهورِ الكذِبِ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ والفتنِ، ويَحْتَمِلُ أيضًا أنَّ تَوقِّيَهم التَّحديثَ عن رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هو من بابِ خَشيةِ الزِّيادةِ والنُّقصانِ في الحَديثِ؛ فيدخُلُ في الوعيدِ الشَّديدِ لِمَن كذَبَ على النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وخَشيةَ أنَّه قد يأثَمُ بالإكثارِ؛ إذ الإكثارُ مَظِنَّةُ الخطأِ. وقيل: يَحتمِلُ أنَّهم ترَكوا الرِّوايةَ بعد أن بلَّغوا بعضَ الغائبين ما كان عِندَهم مِن الحديثِ ورَأوا أنَّ هذا كافٍ في امتثالِ الأمْر.
وفي الحديث: الحثُّ على التَّحرُّزِ من الوُقوعِ في الخطأِ أثناءِ الرِّوايةِ عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، والإقلالِ منها لِمَن خَشِيَ ذلك.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها