الموسوعة الحديثية


- خطبنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ بالنباوةِ أو البناوةِ قال والنباوةُ من الطائفِ قال يُوشِكُ أن تعرفوا أهلَ الجنةِ من أهلِ النارِ قالوا بم ذاك يا رسولَ اللهِ قال بالثناءِ الحسنِ والثناءِ السيِّئِ أنتم شهداءُ اللهِ بعضُكم على بعضٍ
الراوي : أبو زهير الثقفي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 3419 | خلاصة حكم المحدث : حسن
في هذا الحديثِ يَقولُ أبو زُهَيرٍ الثَّقفيُّ رَضي اللهُ عنه: "خطَبَنا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بالنَّباوةِ- أو البَناوَةِ- قال: والنَّباوةُ مِن الطَّائفِ"، أي: موضِعٌ منها، والطَّائفُ: مدينةٌ تقَعُ في مَنطقةِ مَكَّةَ المكرَّمةِ جِهةَ الجنوبِ الشرقيِّ، على المنحدَراتِ الشَّرقيَّةِ لجِبالِ السَّرَواتِ، وتبعُد عن مَكَّة 68 كيلومترًا، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "يُوشِكُ"، أي: يَقترِبُ الأمرُ مِن "أن تَعرِفوا أهلَ الجنَّةِ مِن أهلِ النَّارِ"، أي: تُميِّزوا بينَهم وتَعرِفونهم في الدُّنيا بصِفاتٍ وعلاماتٍ تَشتهِرُ فيهم، فقال الصَّحابةُ رَضي اللهُ عنهم: "بِمَ ذاك يا رسولَ اللهِ؟"، أي: ما هي تلك الصِّفاتُ والمزايا الَّتي يَمتازُ بها كلُّ فريقٍ عن الآخَرِ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "بالثَّناءِ الحسَنِ، والثَّناءِ السَّيِّئِ"، أي: بما يُثني به النَّاسُ على بعضِهم البعضِ؛ لأنَّ النَّاسَ يَذكُرُ بعضُهم بعضًا بما يَعرِفونه مِن حقيقتِهم، "أنتم شُهَداءُ اللهِ بعضُكم على بعضٍ"، أي: تَشهدون بالصَّلاحِ أو الفَسادِ؛ قيل: والمخاطَبون بذلك هم الصَّحابةُ رَضي اللهُ عنهم ومَن كان على صِفَتِهم مِن الإيمانِ؛ لأنَّهم يَنطِقون بالحِكمةِ، ويختَصُّ ذلك بالثِّقاتِ والمتَّقينَ.
وقد ورَد في الصَّحيحَينِ مِن حديثِ أنَسِ بنِ مالِكٍ رَضي اللهُ عنه: "مُرَّ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بجِنازَةٍ، فأثنَوْا عليها خيرًا، فقال: "وجَبَتْ"، ثمَّ مُرَّ بأخرى، فأثنَوا عليها شرًّا - أو قال: غيرَ ذلك - فقال: "وجبَتْ"، فقيل: يا رسولَ اللهِ، قلتَ لهذا: وجبَتْ، ولهذا: وجبَتْ، قال: "شهادةُ القومِ، والمؤمنون شُهداءُ اللهِ في الأرضِ"؛ فجعَل النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم شهادةَ أصحابِه لأحَدٍ بالجنَّةِ أو النَّارِ دليلًا على وُجوبِها، على أنَّ هذا الثَّناءَ بالخيرِ أو الشَّرِّ لِمن أَثنى عليه النَّاسُ؛ فكان ثناؤُهم مُطابِقًا لأفعالِ مَن أثنَوْا عليه، فإنْ لم يَكُنْ كذلك فليس هو مُرادًا بالحديثِ.