الموسوعة الحديثية


- إنَّ يأجوجَ ومأجوجَ يحفُرونَ كلَّ يومٍ حتَّى إذا كادوا يَرونَ شُعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهم ارجِعوا فسنَحفرُهُ غدًا فيعيدُهُ اللَّهُ أشدَّ ما كانَ حتَّى إذا بلَغت مُدَّتُهم وأرادَ اللَّهُ أن يبعثَهُم علَى النَّاسِ حفروا حتَّى إذا كادوا يَرونَ شعاعَ الشَّمسِ قالَ الَّذي عليهِم ارجِعوا فستحفُرونَهُ غدًا إن شاءَ اللَّهُ تعالى واستَثنَوا فيعودونَ إليهِ وَهوَ كَهَيئتِهِ حينَ ترَكوهُ فيحفُرونَهُ ويخرجونَ علَى النَّاسِ فيُنشِفونَ الماءَ ويتحصَّنُ النَّاسُ منهم في حصونِهِم فيرمونَ بسِهامِهِم إلى السَّماءِ فترجِعُ عليها الدَّمُ الَّذي اجفَظَّ فيقولونَ قَهَرنا أهْلَ الأرضِ وعلَونا أهْلَ السَّماءِ فيبعثُ اللَّهُ نَغَفًا في أقفائِهِم فيقتلُهُم بِها قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ والَّذي نفسي بيدِهِ إنَّ دوابَّ الأرضِ لتَسمنُ وتَشكَرُ شَكَرًا من لحومِهِم
الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 3314 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
أخبَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن خروجِ يأجوجَ ومأجوجَ في آخِرِ الزَّمانِ، وعن إفسادِهم وشَرِّهم في الأرضِ، وكيف يكونُ هلاكُهم.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو هُريرةَ رَضِي اللهُ عَنه: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم قال: "إنَّ يأجوجَ ومَأجوجَ يَحفِرون"، أي: خَلْفَ السَّدِّ، وهو الحاجِزُ والمانِعُ الَّذي بَناه ذو القَرنَينِ، "كلَّ يومٍ"، أي: مُستمرِّين في حَفرِه يَومًا بعدَ يومٍ، "حتَّى إذا كادوا"، أي: اقتَربوا "يَرَون شُعاعَ الشَّمسِ"، وفي روايةٍ: "حتَّى إذا كادوا يَخرِقونه"، أي: يتَعدَّون السَّدَّ، ويَهدِمونه، وتَظهَرُ لهم الشَّمسُ، "قال الَّذي عليهم"، وهو قائِدُهم وسيِّدُهم: "ارجِعوا"، أي: عُودوا، "فسنَحفِرُه غدًا"، أي: نُكمِلُ حفْرَه غدًا، وفي روايةٍ: "فستَخرِقونه غدًا"، أي: ستَفتَحون هذا السَّدَّ غدًا، "فيُعيدُه اللهُ"، أي: فيَرجِعُ اللهُ السَّدَّ "أشَدَّ ما كان"، أي: فيَكونُ أقْوى وأمتَنَ ممَّا كان عليه قبلَ ذلك، "حتَّى إذا بلَغَت مُدَّتُهم"، أي: حتَّى إذا وصَلوا إلى الوقتِ الَّذي يَفتَحون فيه السَّدَّ، "وأراد اللهُ"، أي: قدَّر اللهُ "أن يَبعَثَهم على النَّاسِ"، أي: أن يُخرِجَهم اللهُ على النَّاسِ، "حفَروا حتَّى إذا كادوا يَرَون شُعاعَ الشَّمسِ قال الَّذي عليهم: ارجِعوا، فستَحفِرونه غدًا إنْ شاء اللهُ تعالى، واستَثنَوْا"، أي: عُودوا فستَهدِمونه غدًا إنْ شاء اللهُ وقَدَّر لنا ذلك، قال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فيَعودون إليه وهو كهَيئتِه حينَ ترَكوه"، أي: يَجِدونه على الحالِ الَّتي ترَكوه عليها، ولم يَكتَمِلْ بِناؤُه مِثلَ كلِّ يومٍ، "فيَحفِرونه"، أي: فيَخرِقونه ويَهدِمونه، "ويَخرُجون على النَّاسِ"، أي: مِن كلِّ ناحيةٍ، "فيُنْشِفون الماءَ"، أي: يَشرَبون المياهَ حتَّى تَجِفَّ الأنهارُ، "ويتَحصَّنُ النَّاسُ مِنهم في حُصونِهم"، أي: يَهرُبُ النَّاسُ ويتَحصَّنون مِنهم، " فيَرمون بسِهامِهم إلى السَّماءِ"، أي: يُصوِّبُ يأجوجُ ومأجوجُ بسِهامِهم إلى السَّماءِ، "فتَرجِعُ عليها الدَّمُ الَّذي اجْفَظَّ"، أي: تَعودُ إليهمُ السِّهامُ مَصبوغةً بالدِّماءِ التي ملأَتْها ولطَّخَتْها؛ فِتنةً مِن اللهِ وبلاءً لهم، فيَقولون: "قَهَرْنا أهلَ الأرضِ"، أي: انتقَمْنا مِن أهلِ الأرضِ، "وعَلَوْنا أهلَ السَّماءِ"، أي: غَلَبْنا أهلَ السَّماءِ، وفي روايةٍ: "قَسْوةً وعُلُوًّا"، أي: كان قولُهم هذا عَن تَكبُّرٍ وكِبْرٍ؛ لِكُفرِهم.
قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "فيَبعَثُ نَغَفًا"، أي: فيُرسِلُ اللهُ عليهم نوعًا مِن الحَشراتِ والدِّيدانِ يُسمَّى النَّغَفَ، "في أقفائِهم"، أي: يَكونُ هذا الدُّودُ مِن وَراءِ أعناقِهم ورُؤوسِهم، "فيَقتُلُهم بها"، أي: يَموتون بسبَبِ هذه الآفةِ، قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "فوالَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِه"، أي: يُقْسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم باللهِ عزَّ وجلَّ؛ وذلك لأنَّ اللهَ هو الَّذي يَملِكُ الأنفُسَ، وكثيرًا ما كان يُقسِمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم بهذا القسَمِ، "إنَّ دوابَّ الأرضِ"، وهي ما يَدِبُّ على الأرضِ مِن السِّباعِ والهوامِّ والحشَراتِ، "لتَسمَنُ"، أي: تَزْدادُ وتَصيرُ سَمينةً، "وتَشْكَرُ شَكَرًا مِن لُحومِهم"، أي: تَمتلِئُ بُطونُهم شِبَعًا مِن الأكلِ مِن لَحمِهم.
وفي الحديثِ: بيانُ دلائلِ نبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم.
وفيه: بيانُ شدَّةِ فِتنةِ يأجوجَ ومأجوجَ، وكثرةِ عَددِهم.