الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ كانَ إذا أتى على المقابِرِ قالَ السَّلامُ عليْكم أَهلَ الدِّيارِ منَ المؤمنينَ والمسلمينَ وإنَّا إن شاءَ اللَّهُ بِكم لاحِقونَ أنتم لنا فرَطٌ ونحنُ لَكم تبَعٌ أسألُ اللَّهَ العافيةَ لنا ولَكم
الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 2039 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يَزورُ قُبورَ أصحابِه للدُّعاءِ لهم، والتَّرحُّمِ عليهم، والاستغفارِ لهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ بُريدةُ الأسلَميُّ رَضِي اللهُ عَنه: "أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كان إذا أتَى على المقابِرِ" لاتِّباعِ جِنازةٍ، أو زيارةِ أهْلِها، "قال: السَّلامُ عليكُم أهْلَ الدِّيارِ مِن المؤمِنين والمسلِمين"، أي: إنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُسلِّمُ على الأمواتِ مِن المسلِمينَ، وقولُه: "أهْلَ الدِّيارِ"؛ تَشْبيهٌ لها بِدارِ الأحياءِ؛ لاجْتِماعِ الْمَوْتى فيها؛ فإنَّ الأمواتَ كالسَّاكِنينَ للقُبورِ وفيها مَنازِلُهم، "وإنَّا إنْ شاء اللهُ بكُم لاحِقون"، وهذا تأكيدٌ لِمَعْنى الموتِ في كلِّ حيٍّ، ويَحتمِلُ أنَّه دُعاءٌ أن نَلحَقَ بهِم في الموتِ ونحنُ على الإيمانِ، ووجهُ قولِه: "وإنَّا إنْ شاءَ اللهُ بكُم لاحِقونَ"، مع أنَّه يُقالُ: "إنْ شاءَ اللهُ" في الأمرِ المظنونِ والمشكوكِ فيه، والموتُ إنَّما يقَعُ يَقينًا؛ لأنَّ استِثناءَه وقَع على البِقاعِ؛ لأنَّه لا يَدْري أينَ يَموتُ؛ في هذه البُقعةِ، أو في غَيرِها، أو أنَّه لَمَّا قيل له: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23- 24] صارَت هذه الكَلِمةُ هِجِّيراهُ في المتيقَّنِ والمظنونِ، أو أنَّ الاستِثْناءَ هنا صادِرٌ مِن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم على جِهَةِ التَّعليمِ،. أو أنْ يَكونَ معَه مَن يُنافِقُ، فيَنصرِفُ استثناؤُه إليهم، ويكونُ المعنى: إنْ شاءَ اللهُ لُحوقَ هؤلاءِ بالمؤمِنين قبلَ الموتِ وقَع اللُّحوقُ بالمؤمِنين مِن الموتى للكُلِّ.
ثُمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "أنتُم لنا فَرَطٌ"، أي: مُتقدِّمون علَينا إلى الدَّارِ الآخِرةِ، وأصلُ الفَرَطِ هو المتقدِّمُ في طلَبِ الماءِ، "ونحنُ لكم تبَعٌ"، أي: مُتَّبِعون لكم وآتُونَ إلى الآخِرَةِ بعدَكم، "أسأَلُ اللهَ العافيَةَ لنا ولكُم"، وطلَبُ العافيَةِ للميِّتِ تكونُ بالسَّلامةِ والنَّجاةِ ممَّا في القَبرِ مِن أهوالٍ وفِتَنٍ، والسَّلامَةِ فيمَا بَعْدَه، وطلَبُ العافيةِ للحيِّ تكونُ بالسَّلامةِ في الدُّنيا مِن الأسقامِ والبلاءِ، وفي الآخِرةِ بالسَّلامةِ والنَّجاةِ مِن أهوالِها وما تَشتمِلُ عليه مِن عذابٍ.
وفي الحديثِ: أنَّ السَّلامَ على المَوْتَى كالسَّلامِ على الأحياءِ.
وفيه: أنَّ القُبورَ دِيارُ الموتى، والميتُ المسلِمُ يُحترَمُ ويُحيَّى ويُسلَّمُ عليه.