الموسوعة الحديثية


- أنَّ أبا موسَى، أتى بدَجاجةٍ ، فتنحَّى رجلٌ منَ القومِ، فقالَ: ما شأنُكَ ؟ قالَ: إنِّي رأيتُها تأكلُ شيئًا قَذِرْتُهُ فحلَفتُ أن لا آكلَهُ، فقالَ أبو موسَى : ادنُ فَكُل، فإنِّي رأيتُ رسولَ اللَّهِ يأكلُهُ، وأمرَهُ أن يُكَفِّرَ عَن يمينِهِ
الراوي : زهدم الجرمي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 4357 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان التَّابعونَ رَحِمَهم اللهُ يُلازِمون أصحابَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَياتَهم؛ لِيتعلَّموا مِنهم سُنَّةَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ التَّابعيُّ زَهْدَمٌ الجَرْمِيُّ: "أنَّ أبا موسى أتى بِدَجاجةٍ"، وفي رِوايةٍ للنَّسائيِّ: "فقَدَّم طعامَه وقدَّم في طَعامِه لَحمَ دَجاجٍ"، قال زَهْدَمٌ: "فتَنحَّى رجُلٌ منَ القومِ"، أيِ: اعتَزَل الأكْلَ، فقال له أبو موسى الأشعَريُّ رضيَ اللهُ عنه: "ما شأنُك؟"، أي: ما سَببُ امتِناعِك، فقال الرَّجلُ، وفي روايةٍ للنَّسائيِّ: "رجلٌ مِن بَني تَيْمِ اللهِ أحمَرُ، كأنَّه مولًى": "إنِّي رأيْتُها تأكُلُ شيئًا قَذرْتُه فحلَفْتُ ألَّا آكُلَه"، أي: إنَّه امتنَعَ عن أكلِ الدَّجاجِ لِمَا رأى مِنَ الدَّجاجِ أنَّه يأكُلُ ما قد يَأنَفُه ويَستقذِرُه، ويَحتمِلُ: أنَّه رأى دجاجةً بِعَينها تأكُلُ قَذْرًا فاعتَبَرها جلَّالةً فحَلَف على عُمومِ الدَّجاجِ، فقال أبو موسى رضي اللهُ عنهُ: "ادْنُ"، اقتَرِبْ منَ الطَّعامِ، "فكُلْ؛ فإنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَأكُلُه"، أي: هذا الدَّجاجَ، "وأمَرَه أن يُكفِّرَ عن يَمينِه"، أي: وأمَر أبو موسى رَضِي اللهُ عنه الرَّجلَ أن يُكفِّرَ عن يَمينِهِ الَّتي كان قد حَلَفَها في الدَّجاجِ؛ وذلك لِمَا في روايةِ الصَّحيحَيْن من قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "لا أحلِفُ على يَمينٍ، فأرَى غَيرَها خيرًا مِنها، إلَّا أتيتُ الَّذي هو خيرٌ وتَحلَّلتُها".
قيل: إنَّ هذا الرجُلَ المذكورَ هوَ زَهْدَمٌ نَفسُه، وقد أبهَمَ نَفسَه في تلك الرِّوايةِ؛ ففي روايةِ التِّرمذيِّ: "عن زَهْدَمٍ الجَرميِّ، قال: دَخلتُ على أبي موسى وهوَ يأكُلُ دجاجةً فقال: ادْنُ فكُلْ؛ فإنِّي رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يأكُلُه"، وقيل: بَل هما رَجلانِ امتَنَعا معًا، وقيل: بل هو رجلٌ واحدٌ يُنسَبُ إلى تَيمِ اللهِ وإلى جُرْمٍ، كما في روايةِ أحمَدَ: "عن رجُلٍ مِن بَني تيمِ اللهِ يُقال له: زَهدَمٌ".
وفي الحديثِ: مَشروعيَّةُ أكْلِ الدَّجاجِ.
وفيه: عَرضُ الطَّعامِ على مَن حضَره، ولو كان قليلًا؛ لأنَّ اجتماعَ الجَماعةِ على الطَّعامِ سَببٌ للبرَكةِ فيه.