الموسوعة الحديثية


- فقدتُ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ من مضجعِهِ فجعلتُ ألتمسُهُ وظننتُ أنَّهُ أتى بعضَ جواريهِ فوقعَت يدي عليْهِ وَهوَ ساجدٌ وَهوَ يقولُ اللَّهمَّ اغفر لي ما أسررتُ وما أعلنتُ
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 1123 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (1124) واللفظ له، وأحمد (25140)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُحِبُّ قُرْبَ ربِّه في الصَّلاةِ، وقد جُعِلَت قُرَّةَ عينِه فيها، وكان دائمَ الخوفِ والحذَرِ مِن اللهِ، ودائمَ الدُّعاءِ والتَّضرُّعِ إلى اللهِ تعالى، مع أنَّ اللهَ قد غفَر له ما تقَدَّم مِن ذَنبِه وما تأخَّر؛ لِيَكونَ عبدًا شَكورًا، ولِتَقتديَ به أمَّتُه.
وفي هذا الحديثِ تَحكي أمُّ المؤمنِينَ عائشةُ رَضِي اللهُ عَنها: أنَّها فقَدتْ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن مَضْجَعِه، أي: لم تَجِدْه في موضِعِ نَومِه في إحْدَى الليالي التي كانتْ لَها، قالتْ: "فجَعَلتُ ألتَمِسُه"، أي: شرَعتُ وبدَأتُ أطلُبُه وأبحَثُ عنه، "وظنَنتُ أنَّه أتى بعضَ جَوارِيه"، جمعُ جاريةٍ، بمعنى الأَمَةِ، والمرادُ بِها هنا: أزواجُه صلَّى الله عليه وسلَّم، ويُوضِّحُ هذا ما جاءَ في روايةٍ أخرى عِندَ مُسلمٍ، قالتْ: "فظَنَنتُ أنَّه ذهَب إلى بَعضِ نِسائِه"، قالت: "فطلَبتُه، فإذا هو ساجِدٌ"، أي: فبَحَثتُ عنه ففُوجِئتُ بأنَّه في صَلاتِه وهو ساجدٌ، ويقولُ ويَدْعو: "اللَّهمَّ"، أي: يا أللهُ، وهذا نِداءُ تَضرُّعٍ إلى اللهِ تعالَى، فالميمُ عِوَضٌ عن حرْفِ النِّداءِ، "اغفِرْ لي ما أسرَرْتُ"، أي: استُرْ لي ذُنوبي الَّتي عَمِلتُها سِرًّا وامْحُها مِن كِتابي، "وما أعلَنتُ"، أي: واستُرْ وامْحُ الذُّنوبَ الَّتي عَمِلتُها علَنًا، أي: جَهرًا بينَ النَّاسِ.
وهذا الدُّعاءُ مِن باب التواضُعِ التَّضرُّعِ النَّبويِّ للهِ تعالَى، ومِن بابِ تعليمِ الأُمَّةِ؛ فإنَّ اللهَ قد غفَر له ما تَقدَّم مِن ذَنبِه وما تأخَّر، وذُنوبُه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم لا يُتَصوَّرُ أنَّها أفعالٌ شائِنةٌ ممَّا يَفعَلُه النَّاسُ، ولكنَّ مَقامَ النُّبوَّةِ يَجعَلُه يتَرقَّى ويَسْمو في الأفعالِ والأقوالِ وسائرِ الأحوالِ، فيَتوبُ ويَدْعو .