الموسوعة الحديثية


- كنتُ أُتَرْجِمُ بينَ ابنِ عبَّاسٍ وبينَ النَّاسِ ، فأتتهُ امرَأةٌ تسألُهُ عن نَبيذِ الخمرِ ؟ فنَهَى عنه ، قُلتُ : يا أبا عبَّاسٍ إنِّي أنتبذُ في جرَّةٍ خضراءَ، حلوًا، فأشربُ منهُ فيُقَرْقرُ بطني ؟ قالَ: لا تشرَبْ منهُ ، وإن كانَ أحلَى منَ العسلِ
الراوي : أبو جمرة نصر بن عمران | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 5707 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح موقوفا
الخَمرُ أُمُّ الخَبائثِ، وقد حرَّمها اللهُ تعالى في كِتابِه، وحذَّر مِنها عبادَه، إلَّا أنَّ بعضَ الأَشربَةِ لا يَستبينُ أَمرُها في حِلِّها وحُرمَتِها؛ فيَنبغي أنْ التوقُّفُ فيها حتَّى يُعلمَ هل تُؤدِّي إلى الإسكارِ وذَهابِ العَقلِ أم لا.
وفي هذا الحديثِ يقولُ أبو جَمْرَةَ نَصرُ بنُ عِمْرانَ الضُّبَعيُّ: "كنتُ أُترجِمُ بينَ ابنِ عبَّاسٍ وبينَ النَّاسِ"، أي: يُسمِعُهم ويُفهِمُهم كلامَ عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما؛ إمَّا لزَحامٍ أو لضَعفِ صَوتٍ، أو ما شابَهَ، وقيل: إنَّ أبا جَمْرةَ كان يَتكلَّمُ بالفارسيَّةِ، فكان يُترجِمُ العربيَّةَ إلى مَن لا يَستطيعُ التَّكلُّمَ بها، "فأتَتْه امرأةٌ تَسأَلُه عن نَبيذِ الجَرِّ"، أي: تَستَفْتيه عن حُكمِ نَقْعِ التَّمْرِ والزَّبيبِ في الماءِ في الأَواني المصنوعةِ مِن الفَخَّارِ؟ قال أبو جَمرةَ: "فنَهى عنه"، أي: نَهاها ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما عن النَّقعِ فيها، قال أبو جَمرةَ: "قلتُ: يا أبا عبَّاسٍ، إنِّي أَنتبِذُ في جَرَّةٍ خَضراءَ، نَبيذًا حُلوًا"، أي: مَذاقُه فيه حَلاوةٌ، والمرادُ بالجرَّةِ الخَضراءِ: الحَنْتَمُ، وهي الَّتي تُصنَعُ مِن الخَزفِ، أو الفَخَّارِ والطِّينِ المَحروقِ، "فأَشرَبُ مِنه فيُقَرقِرُ بَطني؟"، أي: يُصدِرُ صَوتًا، والمرادُ: بيانُ وتَأكيدُ حَلاوَتِه، فقال ابنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما: "لا تَشرَبْ مِنه، وإنْ كان أحْلَى مِن العسَلِ"، قيل: إنَّ نَهيَه رَضِي اللهُ عَنه لكَونِ الشَّرابِ مُسكِرًا، وقيل: بل لِكونِ ابنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما لَم يَبلُغْه النَّسْخُ في تَرخيصِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في النَّبذِ في أيِّ وِعاءٍ، وعلَّق النَّهيَ على الإسكارِ؛ فلذلك نَهى ابنُ عبَّاسٍ عن شُربِه .