الموسوعة الحديثية


- صُم يومًا ولَكَ أجرُ عَشرةٍ . فقُلتُ : زِدني : فقالَ : صُم يومَينِ ، ولَكَ أجرُ تسعةٍ . قلتُ : زِدني ! قالَ : صم ثلاثةَ أيَّامٍ ، ولَكَ أجرُ ثَمانيةٍ
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 2395 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه النسائي (2396)واللفظ له، وأحمد (6545)
كان عبدُ اللهِ بنُ عمرِو بنِ العاصِ رَضِي اللهُ عَنهما مِن الصَّحابةِ المَشهورين بالاجتِهادِ في العِبادةِ، حتَّى إنَّه كان يَسأَلُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم كَثرةَ الصِّيامِ وقراءةِ القُرآنِ، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم يُقلِّلُ له مِن إكثارِه فيهِما.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عمرٍو رَضِي اللهُ عَنهما، أنَّه عندما سأَل النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم الصَّومَ، وقد كان في نيَّتِه أنْ يَصومَ الدَّهرَ كلَّه: "قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: صُمْ يومًا ولك أَجرُ عشَرَةٍ"، أي: أَجرُ عشَرَةِ أيَّامِ صيامٍ؛ وذلك أنَّ الحسَنَةَ بعَشْرِ أَمثالِها، وفي روايةٍ: "صُمْ مِن كلِّ عَشَرةِ أيَّامٍ يومًا، ولك أَجرُ تلك التِّسعَةِ"، أي: المتبقِّيةِ، قال عبدُ اللهِ رَضِي اللهُ عَنه: "فقلتُ: زِدْني"، أي: يَطلبُ زِيادةَ أيَّامِ الصَّومِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صُمْ يومين، ولك أَجرُ تِسعةٍ"، أي: تِسعةِ أيَّامٍ، "قلتُ: زِدْني"، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "صُمْ ثلاثةَ أيَّامٍ، ولك أَجرُ ثمانيةٍ"، أي: ثمانيةِ أيَّامٍ.
وقد جاء اختِلافٌ في رِواياتِ هذا الحَديثِ؛ ففي رِوايةِ أبي عِياضٍ قال: "صُمْ يومًا، ولك أجرُ ما بقِيَ"، ولم يُقيِّدْه بعشرةٍ، ولا بَشهرٍ، وخالَف ابنُ أبي رَبيعةَ فرَواه مقيَّدًا، فقال: "صُمْ مِن كلِّ عَشرةِ أيَّامٍ يَومًا، ولك أجرُ تِلك التِّسعةِ..."، وخالَفه شُعَيبٌ، فقال: "صُمْ يومًا، ولك أجرُ عَشرةٍ ..."، وبحَمْلِ الرِّوايةِ المُطلَقةِ على المُقيَّدةِ يَزولُ التعارُضُ والاختلافُ بينَ الرِّوياتِ؛ فرِوايةُ أبي عِياضٍ المُطلَقةِ تُحمَلُ على رِوايةِ ابنِ أبي رَبيعةَ المفسَّرةِ، وأمَّا رِوايةُ شُعيبٍ فمَعنَى قولِه: "صُمْ يومًا، ولك أجرُ عَشرةٍ"، أي: مع أجرِ يَومِ الصومِ، وكذلك ما بَعْدَه، وقيل: الظَّاهِرُ مِن مَجموعِ الرِّواياتِ الواردَةِ فيه أنَّه صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم أمرَه بالاقتِصارِ على ثلاثةِ أيَّامٍ مِن كلِّ شهرٍ، فلمَّا قال: إنَّه يُطيقُ أكثَرَ مِن ذلك زادَه بالتَّدريجِ، إلى أنْ أَوصلَه إلى خَمسةَ عشَرَ يومًا، فذَكَر بعضُ الرُّواةِ عنه ما لَم يَذكُرِ الآخَرُ. وقيل: إنَّه كلَّما ازداد مِن الصَّومِ ازدادَ مِن المشقَّةِ الحاصلَةِ بسبَبِه، المقتضيةِ لتَفويتِ بعضِ الأَجرِ الحاصِلِ مِن العِباداتِ الَّتي قد يُفوِّتُها مَشقَّةُ الصَّومِ، فيَنقُصُ الأجرُ باعتِبارِ ذلك .