الموسوعة الحديثية


- أنه كتَبَ إلى عمرَ يَسْأَلُه ؟ فكتَب إليه : أَنِ اقضِ بما في كتابِ اللهِ ، فإن لم يَكُنْ في كتابِ اللهِ فبسنةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فإن لم يَكُنْ في كتابِ اللهِ ولا في سنةِ رسولِ اللهِ ، فاقضِ بما قضى به الصالحون ، فإن لم يكن في كتابِ اللهِ ولا في سنةِ رسولِ اللهِ ولم يَقْضِ به الصالحون ، فإن شِئْتَ فتَقَدَّمَ ، وإن شئت فتَأَخَّرَ ، ولا أرى التَّأَخُّرَ إلا خيرًا لك ، والسلامُ عليكم.
الراوي : شريح القاضي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح النسائي | الصفحة أو الرقم : 5414 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح موقوفا
كان التَّابعون رحِمهم اللهُ تعالى يحرِصون كلَّ الحرصِ على تلقِّي العِلمِ وسُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم عن صَحابتِه رَضِي اللهُ عَنهم.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ شُرَيحُ بنُ الحارثِ بنِ قيسٍ الكِنْدِيُّ القاضي- وكان عُمَرُ قد ولَّاه قضاءَ الكوفةِ- "أنَّه كتَب إلى عُمَرَ يسأَلُه"؟ أي: راسَلَه عن شَيءٍ في القَضاءِ، "فكتَب إليه"، أي: فرَدَّ عُمَرُ على شُرَيحٍ في رِسالتِه: "أنِ اقْضِ بما في كتابِ اللهِ"، أي: ابحَثْ عن حُكمِ مسألتِكَ في القُرْآنِ الكريمِ، وما تجِدُه فيه نصًّا أو استنباطًا فاحكُمْ به بين النَّاس في المسائِلِ والوقائعِ الَّتي تُعرَضُ عليك، "فإنْ لم يكُنْ في كتابِ اللهِ"، أي: فإنْ لم يكُنْ هذا الحُكمُ وهذه المسألةُ في كتابِ اللهِ سبحانه وتعالى لا نصًّا ولا استنباطًا، "فبسُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم"، أي: اقْضِ واحكُمْ بما نُقِلَ عن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم مِن أحكامٍ أو قضاءٍ، "فإنْ لم يكُنْ" هذا الحُكمُ وهذه المسألةُ مَوجودةً، "في كِتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، فاقْضِ بما قضَى به الصَّالحون"، أي: فابحَثْ في المسألةِ عند أهلِ العِلمِ، وخاصَّةً ما كان في زَمنِ الصَّحابةِ، ثمَّ مَن خَلَفَهم، ويُقدَّمُ فيها ما كان عليه إجماعٌ منهم، "فإنْ لم يَكُنْ"، أي: فإنْ لم تَجِدْ حُكمَها، "في كِتابِ اللهِ ولا في سُنَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، ولم يَقْضِ به الصَّالحون- فإنْ شِئْتَ فتقدَّمْ"، أي: تَقدَّمْ على المسألةِ فاحكُمْ واقضِ فيها باجتهادِكَ ورأيِكَ، "وإنْ شِئْتَ فتأخَّرْ" عن الحُكمِ وعن القضاءِ فلا تجتهِدْ برأيِكَ، "ولا أرى التَّأخُّرَ إلَّا خيرًا لك"، أي: إنَّ التَّوقُّفَ وعدمَ التَّقدُّمِ في الاجتهادِ هو الأَوْلى، والأفضلُ لك، "والسَّلامُ عليكم"، أي: ختَم رِسالتَه بالسَّلامِ عليه كأنَّه أمامَه ويُغادِرُ لُقْيَاهُ.
وفي الحديثِ: أنَّ الإجماعَ مِن أدلَّة الأحكامِ.
وفيه: أنَّه لا يدخُلُ في الاجتِهادِ إلَّا مَن كان أهلًا له.
وفيه: بيانُ المُكاتَبةِ في المسائلِ العِلميَّةِ.
وفيه: تنزيلُ الرِّسالةِ منزلةَ اللُّقْيَا مِن حيثُ السَّلامُ عليه .