الموسوعة الحديثية


- إنِّي قد حدَّثتُكم عن الدَّجَّالِ ، حتَّى خشيتُ ألَّا تعقِلوا ، إنَّ مسيحَ الدَّجَّالِ رجلٌ قصيرٌ أفحَجُ جعدٌ أعوَرُ مطموسُ العينِ ليس بناتئةٍ ولا حجراءَ ، فإن ألبس عليكم فاعلَموا أنَّ ربَّكم ليس بأعورَ
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4320 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4320) واللفظ له، وأحمد (22764) باختلاف يسير بزيادة في آخره
كانَ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم يُوصِي أصحابَه رضِيَ الله عَنهم ويُحذِّرُهم مِن فِتنةِ الدجَّالِ ويبيِّنُه لهم، وفي هذا الحديثِ يقولُ النبيُّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "إنِّي قد حدَّثتُكم عنِ الدَّجَّالِ حتى خَشِيتُ ألَّا تَعقِلوا"، أي: أكثرتُ علَيكمْ في البَيانِ عنه وفي التَّحذيرِ مِنه حتى خَشِيتُ أن يُلبَسَ علَيكم أمرُه، أو أنَّ الكَثرةَ في الكلامِ والتَّحذيرِ تكونُ سببًا في ذَهابِ الكلامِ؛ "إنَّ مسيحَ الدجَّالِ"؛ وسُمِّي مَسيحًا قيل: لأنَّ أحدَ شِقَّي وَجهِه مَمسوحٌ فلا عينٌ ولا حاجبٌ، وقيلَ غيرُ ذلكَ.
ومِن أوصافِ المسيحِ الدَّجَّالِ أنَّه "رَجلٌ قَصيرٌ، أفْحَجُ"، أي: يُباعِد بينَ رِجلَيهِ عندَ المشيِ كَمِشيةِ المخْتَتنِ، "جَعْدٌ"، أي: صفةُ شَعرِه أنَّه خشِنٌ، "أعوَرُ مَطموسُ العَينِ ليسَ بناتِئةٍ ولا حَجْراءَ"، أي: إنَّه فاقدٌ إحْدى عَينَيهِ، وصِفةُ هذا العُوارِ أنها مَمسوحةٌ ليسَ فيها بُروزٌ ولا غائرةٌ في داخلِ الجَفنِ.
ثمَّ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "فإنْ أُلبِسَ عَليكم"، أي: فإنِ اشتبَهَ علَيكُم عندَ خُروجِه مِن نِسيانٍ أو لِكَثرةِ ما مَعه مِن فتنٍ؛ "فاعلَموا أنَّ رَبَّكم ليسَ بأعورَ"، أي: إنَّ الدجَّالَ أعورُ، وهي صِفةُ نَقصٍ، والمسيحُ يَدَّعِي الأُلوهيَّةَ، والإلهُ الحقُّ تَنتفِي عَنه صِفاتُ النَّقصِ، وفي حديثٍ آخَر: "ألَا إنَّ المسيحَ الدجَّالَ أعورُ العينِ اليُمنى، كأنَّ عَينَه عِنبةٌ طافيةٌ"، وفي آخَرَ: "الدجالُ ممسوحُ العينِ"؛ فمجموع تِلك الأحاديثِ تُخبرُ بآياتٍ ظاهرةٍ يَشتركُ فيها الناسُ، تُبيِّن لهم كذبَه فيما يدَّعيه من الرُّبوبيَّة، وقد ثبَتَ أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ عينًا، والعينُ في الخَلقِ يَجوزُ أن تُفقَدَ، وصِفاتُ اللهِ تعالى لا يجوزُ أن تَفقدَ أبدًا، وقد دلَّ هذا الحديثُ على أنَّ للهِ تعالى عَينَينِ اثنتينِ تليقان بذاتِه وجلالِه وكمالِه.