الموسوعة الحديثية


- يا أنسُ ، إنَّ النَّاسَ يُمصِّرون أمصارًا ، وإنَّ مِصرًا منها يُقالُ له : البصرةُ – أو البصيرةُ – فإن أنت مررتَ بها ، أو دخلتَها ، فإيَّاك وسِباخَها ، وكِلاءَها وسوقَها ، وبابَ أمرائِها ، وعليك بضواحيها ؛ فإنَّه يكونُ بها خسْفٌ وقذْفٌ ورجْفٌ وقومٌ يبيتون يُصبحون قِرَدةً وخنازيرَ
الراوي : أنس بن مالك | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4307 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4307) واللفظ له، والعقيلي في ((الضعفاء الكبير)) (4/294)، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (5/76)
في هذا الحديثِ يَحكي خادِمُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَسُ بنُ مالكٍ رضيَ الله عَنه: أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم قالَ لَه: "يا أنَسُ، إنَّ الناسَ يُمصِّرونَ أمصارًا"، أي: يَتَّخِذونَ بِلادًا ويَبنونَ بها المدنَ. "وإنَّ مِصرًا مِنها"، أي: وإنَّ بلدًا من تلكَ البلادِ، "يقالُ لها: البَصرةُ- أو البَصيرةُ-" فإنْ أنتَ مَررْتَ بها، أو دَخلتَها، فإيَّاكَ وسِباخَها"، أي: يُوصيهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم ويُحذِّرُه مِن تلكَ البلدِ وما بِها، وسِباخُها هيَ أراضِيها التي تَكثُر بِتُربَتِها المُلوحةُ، "وكِلاءَها"، أي: جوانبَ الأَنهارِ مِنها التي تَحُلُّ بها السُّفنَ، "وسوقَها"، أي: وأماكنَ البَيعِ والشِّراءِ فيها، "وبابَ أُمرائِها"، أي: لا تَدخُلْ على أُمَرائِها ولا تَطلُبْ إليهم حاجَتَك، وهوَ إشارةٌ إلى ما عِندَهم من الظُّلمِ والجَورِ.
قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "وعليكَ بِضَواحِيها"، وهذا أمرٌ له ولِمَنْ مرَّ بها أنْ يَعتزِلَ مِنها ما أشارَ إليهِ ويقيمَ في أطرافِها؛ "فإنَّه يكونُ بها خَسفٌ" وذلكَ لما يكونُ بها مِن عذابِ الله لها، والخَسفُ: هوَ الهبوطُ الذي يقعُ بهِ جُزءٌ مِن الأرضِ ويَنخفِضُ إلى القاعِ، "وقَذْفٌ" قيلَ: إنَّها تُقذَف بالحِجارةِ مِن السَّماءِ، "ورَجْفٌ"، أي: الزَّلازلُ الشَّديدةُ "وقَومٌ يُبيِّتونَ"، أي: يُبيِّتونَ فيها ليلًا، "يُصبِحونَ قِردةً وخَنازيرَ"، أي: يحصُلُ لهم مَسخٌ، قيلَ: في هذا إشارةٌ إلى أنَّ بها قَدريَّةً; لأنَّ الخَسفَ والمسخَ إنَّما يكونُ في هذِه الأُمَّةِ للمُكذِّبينَ بالقدرِ، لقولِه صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم: "يَكونُ في أمَّتي خَسْفٌ ومَسْخٌ، وذلك في المكذِّبينَ بالقَدرِ".
وفي الحديثِ: مُعجزةٌ للنبيِّ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم، حيثُ أخْبَرَ عن أمورٍ غَيبيَّةٍ قبل أن تَقَعَ، ووقعتْ كما أخْبَر، وهو مِن دلائلِ نبوَّتِه صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّم.