جاء الإسلامُ فحَدَّ حُدودًا بينَ العَدْلِ والظُّلْمِ، فأَنْصَفَ المرأةَ بَعْدَ ظُلْمٍ كانتْ تتعرَّضُ له في الجاهليَّةِ.
وفي هذا الحَديثِ يُبيِّنُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُما سَبَبَ نُزولِ قولِه تعالى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}
[النساء: 19] ، أي: لا تَأخُذوا أموالَهم الَّتي أصبحَتْ حقًّا لهنَّ مِنَ المِيراثِ، أو ربَّما يكونُ المَعنى: لا يَحِلُّ لَكم أنْ تَأخُذوا النِّساءَ بأنفُسِهِنَّ وذَواتِهنَّ كمِيراثٍ لكُمْ مِن آبائِكم أو ممَّن تَرِثونَه، كما كانوا يَفعَلونَ في الجاهِلِيَّةِ، ولا يَحِلُّ لكم أنْ تَعضُلوهنَّ، أي: أنْ تقهَروهنَّ وتَمنَعوهنَّ مِنَ الزَّواجِ بغَيرِكم لِتأخُذوا ما أعطَيتُموهنَّ مِن مَهْرٍ.
قال ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "فكان الرَّجُلُ"، يَعْني في الجاهِليَّةِ "إذا مات كان أولياؤهُ أحَقَّ بامرَأتِه مِنْ وَليِّ نَفْسِها"، أي: إنَّ وَرَثَتَه أحقُّ بها مِنْ نَفْسِها؛ إنْ شاء بَعْضُهُم زوَّجها لِمَنْ أَراد مِنْهُم، أو زوَّجوها لِمَنْ شاؤوا وأَخَذوا صَداقَها، وإن شاؤوا لم يُزَوِّجوها، أي: يَحْبِسونها حتَّى يتَوفَّاها الموتُ أو تُرْجِعَ إليهِ صداقَها؛ "فنَزَلتْ هذه الآيةُ في ذَلِكَ"، أي: فأنزَلَ اللهُ عزَّ وجلَّ تِلْك الآيةَ يَنهاهم فيها عن فِعْلِهم هذا.
وفي الحَديثِ: هَدْمُ الإسلامِ لِمُعْتقَداتِ الجاهليَّةِ القائمةِ على الظُّلْمِ.
وفيه: تَكريمُ الشَّرْعِ للمَرْأَةِ، وحِفْظُه لحُقوقِها.