تعَلَّمَ الصَّحابةُ رِضوانُ اللهِ علَيهم مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم التَّيسيرَ والرِّفْقَ بالنَّاسِ؛ وفي هذا الحديثِ أنَّ ابنَ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما "نادَى" "بالصَّلاةِ"، أي: أذَّنَ للصَّلاةِ، "وهو بضَجْنانَ", وهو: جبَلٌ قريبٌ مِن مكَّةَ, "في ليلةٍ ذاتِ بَرْدٍ ورِيحٍ", أي: شَديدةِ البَرْدِ، كثيرةِ الرِّياحِ، "فقالَ في آخِرِ نِدائِه"، أي: بَعْدَ أن فرَغَ مِن أذانِه: "ألَا صَلُّوا في رِحالِكُم, ألَا صلُّوا في الرِّحالِ", أي: كلُّ رجلٍ يُصلِّي في مَكانِه؛ خَشْيةَ أن يُصيبَكُم أذًى, و"الرِّحالُ" إذا أُطلقتْ في الموطِنِ فيُرادُ بها: المنازلُ والمساكِنُ، وإذا أُطلقتْ في السَّفرِ فيُرادُ بها: الخيامُ والمأوَى الذي يَلجأُ إليه المسافِرون.
ثمَّ قال: "إنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم كان يأمُرُ المؤذِّنَ إذا كانَت ليلةٌ باردةٌ أو ذاتُ مطَرٍ في سفَرٍ يَقولُ: ألَا صلُّوا في رِحَالِكم", يريدُ أنَّه يَقْتدي بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم في فِعلِه هذا.
وفي روايةٍ: أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم كان يَفعَلُ ذلك في السَّفَرِ في اللَّيلةِ القَرَّةِ، أي: الشَّديدةِ البُرودةِ، أو المطيرةِ، أي: كَثيرةِ المطَرِ.
وفي الحديثِ: بيانُ أهميَّةِ صلاةِ الجماعةِ وأنَّه لا يَمنَعُ منها إلَّا عُذرٌ مُعتَبَر.
وفيه: بيانُ تَيسيرِ شَريعةِ الإسلامِ على العِبادِ.