فرَض اللهُ عزَّ وجلَّ الزَّكاةَ لتَطهيرِ النَّفسِ مِن شُحِّها، ولكَيْ يتَآلَفَ المسلِمون جَميعًا غنيُّهم وفقيرُهم، فيَعيشَ المُجتمَعُ المسلِمُ كلُّه في أمانٍ وطُمَأنينَةٍ.
وهذا الحديثُ يُوضِّحُ بعضَ أحكامِ الزَّكاةِ الَّتي يَنبَغي أن يَعرِفَها أغنياءُ المسلِمين، فيَقولُ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "فإذا كانَت لَك مِئتَا دِرْهَمٍ وحالَ عليها الحولُ ففيها خمسةُ دَراهِمَ"؛ هذه زَكاةُ الفِضَّةِ، فمَن ملَكَ مِئتَي دِرْهمٍ مِنَ الفِضَّةِ، ومرَّ عليها حولٌ كاملٌ، فزَكاتُها خمسةُ دَراهِمَ، ومِئتا دِرْهمٍ تُساوي 595 غرامًا مِن الفِضَّةِ في عَصرِنا الحاليِّ.
"وليس علَيك شيءٌ - يَعْني في الذَّهبِ - حتَّى يَكونَ لك عِشرونَ دِينارًا، فإذا كان لك عِشرونَ دينارًا، وحال عليها الحولُ ففيها نِصفُ دينارٍ"، ونِصابُ زَكاةِ الذَّهبِ عِشرونَ دينارًا، فإذا ملَك المُسلِمُ عِشْرين دِينارًا يُخرِجُ منها رُبعَ العُشرِ، وهو نِصفُ دينارٍ، وعِشرونَ دينارًا تُساوي 85 غرامًا مِن الذَّهبِ في عَصرِنا الحاليِّ.
"فما زادَ فبِحسابِ ذلك" قال: "فلا أدري أعَليٌّ يَقولُ: فبِحِسابِ ذَلِك، أو رَفَعه إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم"، أي: ما زاد على عِشْرينَ دينارًا يُخرِجُ زكاتَه بمِقْدارِ رُبعِ العُشرِ، والحارِثُ راوي الحَديثِ لا يَدْري هل جُملةُ "فبِحِسابِ ذلك" مِن كَلامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم، أم هِيَ مِن كلامِ عليِّ بنِ أبي طالبٍ رَضِي اللهُ عنه.
وقولُه صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ولَيس في مالٍ زكاةٌ حتَّى يَحُولَ عليه الحولُ"، أي: إنَّ مُرورَ عامٍ قمَريٍّ على الزَّكاةِ شَرطٌ في الزَّكاةِ، وهذا في الأموالِ النَّاميةِ؛ كالنُّقودِ والمواشي، أمَّا الزُّروعُ والثِّمارُ فتُخْرَجُ زَكاتُها وَقْتَ حَصادِها.