الموسوعة الحديثية


- أُتي ابنُ مسعودٍ فقيل : هذا فلانٌ تقطرُ لحيتُه خمرًا ! فقال عبدُ اللهِ : إنا قد نُهينا عن التجسُّسِ، ولكن إن يَظهرْ لنا شيءٌ نأخذُ به
الراوي : زيد بن وهب الجهني | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4890 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (4890)
المسلِمُ الحقُّ لا يتَجسَّسُ على إخْوانِه المسلِمين، ولا يَتتبَّعُ عَوْراتِهم؛ بل يَأخُذُ بما ظهَرَ منهم، وفي هذا الحَديثِ يَحكِي زيدُ بنُ وهْبٍ أنَّه: "أُتي ابنُ مسْعودٍ فقيل له: هذا فُلانٌ تَقطُرُ لِحيتُه خمْرًا"، أي: أتَى ابنَ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه آتٍ فأَخْبَرَه أنَّ فلانًا تقْطُرُ لحِيتُه خمرًا، يَعْنِي أنَّه شرِبَ الخمْرَ بدليلِ أنَّ لِحيتَه قَطَراتُ الخمْرِ على لِحيَتِه، فقال عبدُ اللهِ بن مَسعودٍ: "إنَّا قد نُهينا عن التَّجسُّسِ"؛ لأن مُجرَّدَ تقاطُرِ الخَمرِ على لِحية هذا الرَّجُلِ قرينةٌ على شُربِها، ولكنْ لا تُفيدُ يقينًا أنَّه شَرِبَه فلا بدَّ مِن البحثِ عن كونِه شَرِبَه، والشَّهادةِ على شُربِها وتَطلُّبِها، وهذا تَجسُّسٌ داخلٌ تحتَ النَّهي،
وقوله: "نُهينا عن التَّجسُّسِ" يَعني أنَّه سَمِعَه مِن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فله حُكمُ الرَّفْعِ، أو بما جاءَ في كِتابِ اللهِ وسُنَّةِ رسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، كقولِه تَعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا} [الحجرات: 12]، وقولِ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم: «إيَّاكُم والظَّنَّ؛ فإنَّ الظَّنَّ أكْذَبُ الحَديثِ، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا».
قال ابنُ مَسعودٍ رضِيَ اللهُ عنه: "ولكنْ إن يظْهَرْ لنا شيْءٌ"؛ من غيرِ تعمُّدِ التَّجسُّسِ وتتَبُّعِ الأخْبارِ والعَوْراتِ، وتبَيَّن لنا، "نأْخُذْ بهِ"؛ يَعني: تكونُ المعاملَةُ بما يَقتضيهِ ذلك؛ مِن حَدٍّ، أو تَعزيرٍ، وعقوبَةٍ.
وفي الحديث: النهيُ عن التَّجسُّسِ عن عَوراتِ المسلِمين، واكتشافِ ما يُخفونَه منها.