الموسوعة الحديثية


- أنَّه دخل على عُبيدِ اللَّهِ بنِ زيادٍ، فحدَّثني فلانٌ - سمَّاهُ مسلِمٌ وَكانَ في السِّماطِ - فلمَّا رآهُ عبيدُ اللَّهِ قالَ: إنَّ محمَّدِيَّكم هذا الدَّحداحُ، ففَهمَها الشَّيخُ، فقالَ: ما كنتُ أحسبُ أنِّي أبقى في قومٍ يعيِّروني بصُحبةِ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، فقالَ لَهُ عبيدُ اللَّهِ: إنَّ صحبةَ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ لَكَ زَينٌ غيرُ شَينٍ، ثمَّ قالَ: إنَّما بَعثتُ إليْكَ لأسألَكَ عنِ الحوضِ، سمعتَ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ يذْكرُ فيهِ شيئًا ؟ فقالَ أبو بَرزةَ: نعَم لا مرَّةً، ولا ثِنتينِ، ولا ثلاثًا، ولا أربعًا، ولا خَمسًا، فمن كذَّبَ بِهِ فلا سَقاهُ اللَّهُ منْهُ، ثمَّ خرجَ مُغضبًا
الراوي : أبو برزة الأسلمي نضلة بن عبيد | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 4749 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
مِن إكرامِ اللهِ عزَّ وجلَّ لنَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنْ جعَلَ له حَوْضًا يَومَ القيامةِ يَسْقي منه أُمَّتَه؛ مَن شَرِبَ منه شَربةً لا يَظمأُ بَعدَها أبدًا.
وفي هذا الحَديثِ يَحكي التابعيُّ عبدُ السَّلامِ بنُ أبي حازمٍ: أنَّه "شهِدَ أبا بَرْزَةَ دخَلَ على عُبَيْدِ اللهِ بنِ زِيادٍ"، وكان عُبيدُ اللهِ أميرًا على الكُوفةِ آنذاك ليزيدَ بنِ معاويةَ وكان قد شَكَّ في حَوضِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فطلَبَ أحَدَ الصَّحابةِ؛ ليتأكَّدَ منه؛ يقول عبدُ السَّلامِ: "فحدَّثَني فلانٌ- سمَّاه مُسلِمٌ، وهو ابنُ إبراهيمَ راوي الحديثِ- وكان في السِّماطِ"، أي: في الجماعةِ الَّتي حضَرَتِ الحديثَ الَّذي كان بين أبي بَرْزَةَ الأَسْلَمِيِّ رضِيَ اللهُ عنه وعُبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ، "فلمَّا رآه عُبيدُ اللهِ"، أي: رأى أبا بَرْزَةَ، قال: "إنَّ مُحَمَّدِيَّكُمْ هذا الدَّحْدَاحُ"، أي: نسَبَه إلى مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: إنَّه صحابيٌّ، ووصَفَه بأنَّه سَمينٌ وقَصيرٌ، "ففَهِمَها الشَّيخُ"، أي: ففَهِمَ أبو بَرْزَةَ مُرادَ عُبيدِ اللهِ من كلمتِه تلك، "فقال: "ما كنْتُ أحسَبُ أنِّي أَبْقى في قومٍ يُعيِّروني بصُحْبَةِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، والمرادُ بالمُعايَرَةِ: الانتِقاصُ منه، فقال له عُبيدُ اللهِ مُعتذِرًا: "إنَّ صُحْبَةَ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لك زَيْنٌ غيرُ شَيْنٍ"، أي: خَيْرٌ يُمْدَحُ به المرءُ لا شَرٌّ وعارٌ على صاحبِه.
ثمَّ قال: "إنَّما بُعِثْتُ إليك لأسألَكَ عَنِ الحَوضِ؛ سمِعْتَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يذكُرُ فيه شيئًا؟" أي: هل هناك حديثٌ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في شأنِ الحَوضِ؟ فقال أبو بَرْزَةَ: "نَعَمْ، لا مَرَّةً، ولا ثِنتَيْنِ، ولا ثلاثًا، ولا أربعًا، ولا خَمسًا"، أي: إنَّه يُثْبِتُه ويُحدِّثُ به مرَّاتٍ كثيرةً، "فمَنْ كَذَّبَ به فلا سَقاه اللهُ منه"، أي: يدعو على مَنْ يُنكِرُه ويُكذِّبُ به بألَّا يَسقيَه اللهُ منه يومَ القيامةِ، ثمَّ خرَجَ أبو بَرْزَةَ رضِيَ اللهُ عنه مِن عِندِ عُبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ مُغْضَبًا.
وفي الحديث: إثباتُ الحوضِ للنبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في الآخِرَةِ، والتَّحذيرُ لِمَن كذَّب به، والدَّعوةُ عليه بألَّا يَشرَبَ منه.
وفيه: بيانُ مَنقبةِ مَن صاحَب النبيَّ عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، وأنَّ صُحبتَه شَرَفٌ عظيمٌ، ولأصحابِه الفَضلُ والسَّبقُ في العِلمِ.