الموسوعة الحديثية


- عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ : لمَّا نزلت أوَّلُ المزَّمِّلِ كانوا يقومونَ نحوًا من قيامِهِم في شهرِ رمضانَ حتَّى نزلَ آخرُها وَكانَ بينَ أوَّلِها وآخرِها سنةٌ
الراوي : سماك الحنفي | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 1305 | خلاصة حكم المحدث : صحيح | التخريج : أخرجه أبو داود (1305) واللفظ له، والطبراني (12/196) (12877)، والحاكم (3864) باختلاف يسير
الإسلامُ دِينُ الرَّحمةِ والشَّفقةِ على النَّاسِ، وتَشريعاتُه تُراعي طاقاتِ النَّاسِ على العمَلِ، ودائمًا ما يكونُ التَّخفيفُ مِن اللهِ على مَن يَمتَثِلُ أمرَه مِن عِبادِه، ومِن ذلك أنَّ اللهَ جعَل صلاةَ اللَّيلِ نافِلةً لِمَن أرادَ التَّطوُّعَ والزِّيادةَ في الخيرِ، وجعَلَها على قدرِ استِطاعةِ كلِّ فردٍ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهما أنَّه: "لَمَّا نزَلَت أوَّلُ المزمِّلِ"، يَعني بها قولَه تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ} [المزمل: 3] "كانوا"، أيِ: الصَّحابةُ رَضِي اللهُ عَنْهم، "يقومون"، أي: في اللَّيلِ كلَّ يومٍ، "نحوًا مِن قِيامِهم في شهرِ رمَضانَ"، أي: بما يُعادِلُ قِيامَهم في شهرِ رمَضانَ مِن بعدِ العِشاءِ حتَّى ما شاءَ اللهُ لهم، وظَلُّوا على ذلك مُمتثِلينَ لأمرِ اللهِ، فخَفَّف عنه، "حتَّى نزَل آخِرُها"، وهو قوله: {عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20]، أي: عَلِم اللهُ عدَمَ قُدرتِكم على القيامِ لِمُدَّةِ نصفِ اللَّيلِ أو ثُلثِه بصُورةٍ دائمةٍ، فخفَّف اللهُ عنكم، فقُوموا اللَّيلَ بما في قُدرتِكم واستطاعتِكم، فاقرَؤوا ما تيَسَّر لكم مِن القرآنِ في قيامِ اللَّيلِ.
قال ابنُ عبَّاسٍ: "وكان بينَ أوَّلِها وآخِرِها سَنَةٌ"، وهذا بيانٌ بالمدَّةِ الَّتي استَمَرَّ فيها النَّاسُ على طاعَتِهم للهِ في قيامِ اللَّيلِ لمُدَّةِ نِصفِه أو ثُلثِه، ثمَّ خفَّف اللهُ عنهم ونسَخ هذا الحُكمَ وحوَّلَه إلى القِيامِ بقدْرِ الاستطاعةِ.
وفي الحديثِ: بيانُ أثَرِ الطَّاعةِ والانقيادِ لأمرِ اللهِ في التَّخفيفِ عَن النَّاسِ.
وفيه: الإرشادُ إلى قِيامِ اللَّيلِ قدْرَ الاستطاعةِ.