الموسوعة الحديثية


- عن مالِكِ بنِ أوسِ بنِ الحدثانِ قالَ : كان فيما احتجَّ بِهِ عمرُ رضيَ اللَّهُ عنهُ أنَّهُ قالَ: كانَت لرسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ثلاثُ صفايا بنو النَّضيرِ، وخَيبرُ، وفدَكُ، فأمَّا بنو النَّضيرِ فَكانت حبسًا لنوائبِهِ، وأمَّا فدَكُ فَكانت حبسًا لأبناءِ السَّبيلِ، وأمَّا خيبرُ فجزَّأَها رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، ثلاثةَ أجزاءٍ، جُزأينِ بينَ المسلمينَ، وجزءًا نفقةً لأَهْلِهِ، فما فضلَ عن نفقةِ أَهْلِهِ جعلَهُ بينَ فقراءِ المُهاجرينَ
الراوي : مالك بن أوس بن الحدثان | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2967 | خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
أحلَّ اللهُ لِلنَّبِيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم الغنائمَ، ولم تَكُنْ حلالًا في شَريعةِ الأُممِ السَّابقةِ، والغَنائِمُ هي ما يَحصُلُ عليه المُسلِمُونَ من المُشرِكِينَ والكفَّارِ بعدَ هَزيمتِهم.
وفي هذا الحَديثِ يَقولُ مالكُ بنُ أوسِ بنِ الحدَثَانِ: "كان فيما احتَجَّ به"، أي: ممَّا استَدَلَّ به "عُمرُ" رَضيَ اللهُ عَنْه على عدَمِ تَقسيمِ الفَيءِ والمالِ الَّذي حصَلَ عليه المُسلِمُونَ دونَ قِتالٍ، كما يُفعَلُ معَ الغَنيمةِ، بل التصرُّفُ فيه إلى الإمامِ - "أنَّه قال: كانَت لرَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم ثلاثُ صَفَايا"، وهي: ما يُختَارُ مِن الغنائِمِ قبل أن يُقسَمَ، وكانَتْ هذه الصَّفايا هي: "بَنو النَّضيرِ"، وهُم الَّذين أَجْلاهُمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم مِنَ المدينةِ، والمُرادُ أَراضِيهم الَّتي يَمتلِكونَها وأَمْوالُهُم، " وخَيبرُ، وفدَكُ"، وهُما قَريَتانِ في شِبهِ الجَزيرةِ، "فأمَّا بَنو النَّضيرِ"، أي: صَفايَا بَني النَّضيرِ، "فكانَتْ حبسًا لنَوائبِه"، أي: ما يَحبِسُه ويُوقِفُه لحَوائجِه مِمَّا يَأْتي فَجْأةً مِن أَحْداثٍ وأُمورٍ، "وأمَّا صَفايا فدَكَ فكانَتْ حَبسًا"، أي: وقْفًا "لأَبْناءِ السَّبيلِ"، أي: يُنفِقُ مِنها على أبناءِ السَّبيلِ وقَضاءِ حَوائجِهم، "وأمَّا خَيبرُ" فجَزَّأَها"، أي: قسَمَها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم "ثلاثَةَ أجزاءٍ"، أي: ثلاثةَ أقسامٍ، "جُزأَيْنِ بينَ المُسلِمينَ "وجُزءًا"، أي: وقسمًا "نفقةً لأهلِه"، أي: يَكونُ لأزواجِه يُنفِقون منه، "فما فضَلَ"، أي: بَقِي "عن نفَقةِ أهلِه" جعَلَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بينَ "فُقراءِ المُهاجِرينَ"، وهُمُ الَّذين هاجَروا إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم قبلَ أن تُفتَحَ مَكَّةُ؛ لأنَّهم كانوا في حاجةٍ إلى العَطاءِ مِن غَيرِهم.
وهكذا فصَّلَ عُمرُ رَضيَ اللهُ عَنْه سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم واجتَهَد في ضَوئِها، فنظَّم أموالَ الفيءِ، وجَعَلها مِن مَصادِرِ بيتِ مالِ المُسلِمينَ.
وفي الحَديثِ: أنَّ للإمامِ الاجتهادَ في تَنظيمِ أمورِ الدَّولةِ في ضَوءِ الكتابِ والسُّنةِ، واختيارَ ما فيه مَصلَحةُ الرَّعيةِ.
وفيه: بَيانُ اهتِمامِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم بفُقراءِ المُسلِمينَ.