الموسوعة الحديثية


- أنَّ رئابَ بنَ حُذَيْفةَ، تزوَّجَ امرأةً فولدت لَهُ ثلاثةَ غِلمةٍ، فماتَت أمُّهم فورَّثوها رباعَها، وولاءَ مواليها، وَكانَ عمرو بنُ العاصِ عصبةَ بَنيها، فأخرجَهُم إلى الشَّامِ فَماتوا، فقدَّم عمرو بنُ العاصِ، وماتَ مولًى لَها وترَكَ مالًا لَهُ، فخاصمَهُ إخوتُها إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ، فقالَ عمرُ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ: ما أَحرزَ الولدُ أوِ الوالدُ، فَهوَ لعَصبتِهِ من كانَ
الراوي : عمر بن الخطاب | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2917 | خلاصة حكم المحدث : حسن | التخريج : أخرجه أبو داود (2917) واللفظ له، وابن ماجه (2732)، وأحمد (183)
لَمَّا كان الإسلامُ دِينَ العدلِ، فقد فصَّل نصيبَ كلِّ وارِثٍ، وحدَّد مِقدارَ وصيَّةِ كلِّ مُوَرِّثٍ؛ حَتَّى لا يَطْمَعَ أحدٌ في حقِّ غيرِه فيَظلِمَه، ولا يُوصِيَ مُوَرِّثٌ بكلِّ مالِه فيَجنِي على وارِثِيه.
وفي هذا الحَديثِ: "أنَّ رِئَابَ بنَ حُذَيْفَةَ تزوَّج امرأةً" وهي أُمُّ وائِل بنتُ مَعْمَرٍ الجُمحيَّةُ، "فوَلَدَتْ له ثلاثةَ غِلْمَةٍ"، أي: ثلاثةً مِنَ البَنِين والغِلْمَةُ: جمعُ غُلامٍ، "فماتت أُمُّهم، فوَرِثوها رِبَاعَها"، أي: وَرِث أبناؤُها البُيُوتَ الَّتِي تركَتْها، "ووَلاءَ مَوالِيها" الولاء شَرعاً: عُصوبةً أو قَرابةٌ حُكْمِيةٌ نَاشئةٌ عن حريةِ حَدثتْ بعد زوالِ مِلكٍ وبَعْد إِعتاقٍ، وهي مؤَخَّرَةٌ عن عُصوبةِ النَّسَبِ، وَتقتضِي للمُعْتِق وعصَبَتِه الإرثَ وَولايةَ النِّكاحِ والصَّلاةَ عليه والعَقْلَ عن الْمُعْتَقِ.
"وكان عَمْرُو بنُ العَاصِ عَصَبَةَ بَنِيها"، أي: مِن أَقرِبائِهم مِن ذَوِي العُصُوبَةِ، والعَصَبَةُ: كلُّ مَن لم يَكُنْ له فريضةٌ مُسمَّاة, فإنْ بَقِيَ شيءٌ بعدَ الفَرضِ كان له نصيبٌ فيه، والعَصبةُ ثلاثةُ أَقسامٍ: عَصَبةٌ بنفْسِه، وعَصبةٌ بغيرِه، وعَصبةٌ مع غَيرِه، وحيثُ أُطلِقتْ؛ فالمرادُ به العَصبةُ بنَفْسِه، وهو كلُّ ذَكرِ يُدلي بنَفْسِه بالقَرابةِ ليس بينه وبين الميِّت أُنثى، وإذا انفرَد أخَذَ جميعَ المالِ، وإذا كان مع أصحابِ فُروضٍ استَغْرَقتِ التَّرِكةَ كلَّها فلا شَيءَ له، وإنْ لم يَستغرِقوا التَّرِكةَ كان له الباقي بَعْدَ فُروضِهم، "فأَخرَجَهم إلى الشَّامِ"، أي: فأخرَجَهم معَه إلى الشَّامِ للجِهادِ، "فماتوا" في طاعُونِ عَمَواسَ، فوَرِثَهم عَمرُو بنُ العاصِ.
"فقَدِم عمرُو بنُ العاصِ" المدينةَ، "وماتَ مَولًى لها"، أيْ: لأُمِّ وائلٍ بنتِ مَعمَرٍ زَوجةِ رِئَابٍ، "وترَك مالًا له" ميراثًا، "فخاصَمه إخوتُها إلى عُمرَ بنِ الخطَّابِ"، أي: قاضى إخوةُ أمِّ وائلٍ بنتِ مَعمَرٍ، ونازَعُوا عَمرَو بنَ العاصِ في ميراثِ هذا المولى عِندَ عُمرَ بنِ الخطَّابِ، فقال عمرُ: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيْه وسلَّم: "ما أحرَزَ الولَدُ أو الوالِدُ"، أي: ما اكتَسَب الولَدُ أو الوالدُ مِن ميراثِ الأبِ أو الأمِّ، "فهُو لعَصَبتِه مَن كان"، أي: فهو لِذَوي العُصوبةِ أيًّا كان، إن ماتوا دونَ وارثٍ مِن أصحابِ الفروضِ.