الموسوعة الحديثية


- دخَلْتُ على أمِّ حبيبةَ حينَ تُوفِّي أبوها أبو سفيانَ بنُ حربٍ فدَعتْ أمُّ حبيبةَ بطِيبٍ فيه صُفرةٌ خَلوقٌ أو غيرُه فدهَنتْ منه جاريةً ثمَّ مسَّت به بطنَها ثمَّ قالت: واللهِ ما لي بالطِّيبِ مِن حاجةٍ غيرَ أنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ: ( لا يحِلُّ لامرأةٍ تؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تحِدَّ على ميِّتٍ فوقَ ثلاثٍ إلَّا على زوجٍ أربعةَ أشهُرٍ وعشْرًا ) وقالت زينبُ: دخَلْتُ على زينبَ بنتِ جحشٍ حينَ تُوفِّي أخوها عبدُ اللهِ بنُ جحشٍ فدَعت بطِيبٍ فمسَّت منه ثمَّ قالت: واللهِ ما لي بالطِّيبِ مِن حاجةٍ غيرَ أنِّي سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ على المنبرِ: ( لا يحِلُّ لامرأةٍ تؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أنْ تحِدَّ على ميِّتٍ فوقَ ثلاثِ ليالٍ إلَّا على زوجٍ أربعةَ أشهُرٍ وعشْرًا ) قالت زينبُ: وسمِعْتُ أمِّي أمَّ سلَمةَ تقولُ: جاءتِ امرأةٌ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ ابنتي تُوفِّي عنها زوجُها وقد اشتكتْ عيناها فنُكحِّلُها ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ( لا ) مرَّتينِ أو ثلاثًا كلُّ ذلك يقولُ: ( لا، إنَّما هي أربعةُ أشهُرٍ وعشْرٌ وقد كانت إحداكنَّ في الجاهليَّةِ ترمي بالبَعرةِ على رأسِ الحَوْلِ )
خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه
الراوي : زينب بنت أبي سلمة | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان | الصفحة أو الرقم : 4304
| التخريج : أخرجه البخاري (5334)، ومسلم (1486)، وأبو داود (2299) جميعا بلفظ مقارب .
التصنيف الموضوعي: اعتصام بالسنة - لزوم السنة عدة - عدة المتوفى عنها زوجها عدة - ما يجب تجنبه للحادة عدة - إحداد المرأة المسلمة
|أصول الحديث

دَخَلْتُ علَى أُمِّ حَبِيبَةَ زَوْجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَتْ: سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، تُحِدُّ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ إلَّا علَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا. ثُمَّ دَخَلْتُ علَى زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ حِينَ تُوُفِّيَ أَخُوهَا، فَدَعَتْ بطِيبٍ، فَمَسَّتْ به، ثُمَّ قالَتْ: ما لي بالطِّيبِ مِن حَاجَةٍ، غيرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى المِنْبَرِ يقولُ: لا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ باللَّهِ واليَومِ الآخِرِ، تُحِدُّ علَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثٍ، إلَّا علَى زَوْجٍ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وعَشْرًا.
الراوي : أم حبيبة أم المؤمنين، وزينب بنت جحش | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 1281 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]

لقدْ ضَبطَتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ الغرَّاءُ كلَّ أُمورِ الحَياةِ؛ ففي كُلِّ شَأنٍ ومَرحلةٍ في الحَياةِ أحكامٌ؛ فجُعِلَ لِلحيِّ أحكامٌ، وللمَيتِ أحكامٌ، ولِأهلِه أحكامٌ علَيهم أنْ يَقوموا بها.
وفي هذا الحَديثِ تخبِرُ زَيْنبُ بِنتُ أبي سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّها دخلَتَ على أمِّ المؤمنينَ أُمِّ حَبِيبةَ بنتُ أبي سُفْيانَ رَضيَ اللهُ عنهما لَمَّا بَلَغَها موتُ أبيها أبي سُفْيانَ، وقدْ تُوفِّيَ سنةَ إحدى وثلاثينَ، وقيل: سَنةَ اثنتَينِ، وقيل غيرُ ذلك، وله نحوُ تِسعينَ سَنةً، فقالَتْ أمُّ حَبيبةَ رَضيَ اللهُ عنهما: سَمِعتُ رسولَ الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: «لا يَحِلُّ لامرأةٍ تُؤمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ»، وهذا نفيٌ بمعنى النَّهيِ على سَبيلِ التأكيدِ، وخَصَّ ذلِك بالمُؤمنةِ؛ لأنَّ المُؤمِنَ هو الذي يَنتفِعُ به ويَنقادُ له؛ فمَن آمَن باللهِ تعالَى وبعِقابِه يومَ الميعادِ لا يَجترِئُ على نواهِيه، «تُحِدُّ على مَيتٍ» أيَّا كان والدًا أو أخًا أو ابنًا أو أيَّ قريبٍ «فَوقَ ثَلاثٍ» مِنَ اللَّيالي «إلَّا على زَوْجٍ»، أي: لكنِ الزوجُ تُحِدُّ عليه زَوجتُه -سواءٌ المدخولُ بها وغيرُها- «أربعةَ أشهُرٍ وعَشْرًا»، أي: وعَشرةَ أيَّامٍ بليالِيها. والإحدادُ: تركُ الزِّينةِ والطِّيبِ ونَحْوِهما، أو المرغِّباتِ في الخِطبةِ، وذلك إذا مات للمَرأةِ مَيتٌ، وعلَّق النَّهْيَ بالإيمانِ بالله عزَّ وجلَّ؛ لأنَّه هو الأساسُ، وذكَر الإيمانَ باليَومِ الآخِرِ؛ لأنَّه يَومُ الجزاءِ والحسابِ.
ومِن حِكمةِ الإحدادِ في عِدَّةِ الوَفاةِ دُونَ عِدَّةِ الطلاقِ: أنَّ الزِّينةَ والطِّيبَ يَدعوانِ إلى النِّكاحِ؛ فنُهِيتْ عنه ليكونَ الامتِناعُ مِن ذلك زاجرًا عن النِّكاحِ لكونِ الزوجِ ميِّتًا لا يَمنَعُ مُعتدتَه مِن النِّكاحِ ولا يُراعيه مَن يُريدُ أنْ يَنكِحَها، بخلافِ المطلِّقِ الحيِّ فإنَّه يُستغنَى بوُجودِه عن زاجرٍ آخَرَ. ومِن حِكمةِ جعْلِ مِدَّةِ الحِدادِ على الزَّوجِ أربعةَ أشهُرٍ وعَشرًا: لِمَا يَغلِبُ عليها مِن الحُزنِ؛ ولأنَّ الأربعةَ فيها يُنفَخُ الرُّوحُ في الوَلدِ إنْ وُجِدَ، والعَشْرَ احتياطًا.
ثمَّ أخبرَتْ زَيْنبُ بِنتُ أبي سَلَمةَ رَضيَ اللهُ عنهما أنَّها دخلَتْ على أمِّ المُؤمنِينَ زَيْنبَ بِنتِ جَحْشٍ رَضيَ اللهُ عنها حِينَ تُوُفِّيَ أخوها -قيل: هو عبدُ الله بنُ جَحشٍ. وقيل: إنَّما هو عُبَيدُ اللهِ الذي قد هاجَر الحَبَشةَ وتَنصَّرَ هناك ثمَّ مات. وقيل غيرُ ذلِك-، فدَعَتْ زَينبُ بنتُ جَحْشٍ رضيَ اللهُ عنها «بِطِيبٍ فمَسَّتْ» به شيئًا مِن جَسَدِها، «ثُمَّ قالتْ: ما لي بالطِّيبِ مِن حاجةٍ»، أي: إنَّها لم تُرِدْ وَضْعَه؛ وإنَّما فعلَتْ ذلك لأنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ نَهَى المرأةَ أن تُحِدَّ على غيرِ زَوجِها فوقَ ثلاثةِ أيامٍ؛ فلذلك أرادَتْ أن تُنْهِيَ حِدادَها على أخيها بوَضْعِ الطِّيبِ امتِثالًا لقَولِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فصرَّحتْ بأنَّها لم تتطيَّبْ لحاجةٍ؛ إشارةً إلى أنَّ آثارَ الحُزنِ باقيةٌ عِندَها، لكنَّها لم يَسَعْها إلَّا امتثالُ الأمْرِ واجتنابُ النهيِ.
وفي الحديثِ: فضْلُ زَيْنَبَ بنْتِ جَحْشٍ رَضيَ اللهُ عنها، ومُسارعتُها إلى امتِثالِ الأوامرِ واجتِنابِ النواهي حتَّى في أصْعَبِ الأحوالِ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها