الموسوعة الحديثية


- اجتَمعت غُنَيْمةٌ عندَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ، فقالَ: يا أبا ذَرٍّ، ابْدُ فيها، فبدوتُ إلى الرَّبَذةِ، فَكانت تُصيبُني الجَنابةُ فأَمكُثُ الخمسَ والسِّتَّ، فأتيتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالَ: أبو ذرٍّ. فسَكَتُّ، فقالَ: ثَكِلَتْكَ أمُّكَ أبا ذرٍّ، لأُمِّكَ الويلُ. فدَعا لي بجاريةٍ سوداءَ فجاءَت بعُسٍّ فيهِ ماءٌ، فسَترَتني بثَوبٍ واستَترتُ بالرَّاحلَةِ، واغتَسلتُ، فَكَأنِّي ألقَيتُ عنِّي جبلًا، فقال: الصَّعيدُ الطَّيِّبُ وَضوءُ المسلمِ ولَو إلى عَشرِ سِنينَ، فإذا وجدتَ الماءَ فأَمِسَّهُ جِلدَكَ؛ فإنَّ ذلكَ خَيرٌ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو ذر الغفاري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 332
| التخريج : أخرجه أبو داود (332) واللفظ له، والترمذي (124)، والنسائي (322) مختصراً باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: جهاد - ما جاء في الهجرة وسكنى البدو تيمم - تيمم الجنب غسل - موجبات الغسل
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
التَّيمُّمُ بالصَّعيدِ الطيِّبِ أَمْرٌ رَخَّص اللهُ عزَّ وجلَّ فيه إذا فَقَد المُسْلِمُ الماءَ أو لم يَقْدِرْ على استعمالِه لِرَفعِ حدَثِه الأكبرِ أو الأصغرِ.
وفي هذا الحديثِ يَحكي أبو ذَرٍّ رَضِي اللهُ عنه: أنَّه "اجْتَمعَتْ غُنَيمَةٌ"، تصغيرُ غنَمٍ؛ لإفادةِ التَّقليلِ "عندَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم"، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لأبي ذَرٍّ الغِفاريِّ رَضِيَ اللهُ عنه: "ابْدُ فيها، يا أبا ذَرٍّ"، أي: اخْرُجْ بها إلى الباديةِ، والمرادُ بقولِه: "فيها": الماشيةُ الَّتي في الغُنَيمةِ، يقولُ أبو ذَرٍّ: "فبَدَوتُ بها إلى الرَّبَذةِ"، أي: خَرَجتُ بها إلى الرَّبَذةِ، وهي مَوضِعٌ قريبٌ مِن المدينةِ، "فكانَتْ تُصيبُني الجنَابةُ"، أي: يُصْبِحُ جُنُبًا وهو بالرَّبَذةِ، تُطلَقُ الجَنابةُ على كلِّ مَن أنزَل المنيَّ بشَهوةٍ إمَّا من احْتِلامٍ أو بجَماعٍ أو غيرِه، وسُمِّيَت بذلك؛ لاجتِنابِ صاحبِها الصَّلاةَ والعِباداتِ حتَّى يَطهُرَ مِنها.
قال أبو ذَرٍّ: "فأَمْكُثُ الخَمْسَ والسِّتَّ"، أي: أَظَلُّ خمسَ ليالٍ أو سِتَّ ليالٍ بدونِ طُهورٍ، وهو إشارةٌ إلى عدَمِ وجودِ الماءِ، فأتى أبو ذَرٍّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رآه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "قال: أبو ذَرٍّ؟" مُؤكِّدًا صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم رُؤيتَه لأبي ذَرٍّ، فسَكَتَ أبو ذَرٍّ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "ثَكِلتْكَ أُمُّكَ أبا ذَرٍّ"، أي: فقَدَتْكَ أُمُّكَ، "لأُمِّكَ الويلُ"، أي: الحُزْنُ والهلاكُ والمَشقَّةُ مِن العذابِ، وهذا مِن كلامِ العَربِ الذي جرَى على اللِّسانِ ولا يُقْصَدُ به الدُّعاءُ، وهذا على سبيلِ الزَّجْرِ لَمَّا عَلِمَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بشَأنِ جَنابتِهِ وصَلاتِه بغير طُهورٍ، ولمُكْثِه في الجَنابةِ هذا المقدارَ الذي ذَكَرَه.
قال: فدَعا له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "بجاريةٍ سَوداءَ، فجاءتْ بعُسٍّ فيه ماءٌ"، أي: جاءَتْه جاريةٌ بماءٍ ليَغْتَسِلَ، و"العُسُّ": القَدَحُ الضَّخْمُ، "فسَتَرتْني بثوبٍ، واسْتَترتُ بالرَّاحلةِ"، أي: قام يَغْتَسِلُ بين سِتْرِ جَمَلِه الَّذي يَرْتَحِلُ به وسِتْرِ الثَّوبِ الذي أقامَتْه الجاريةُ، يقولُ أبو ذَرٍّ لَمَّا اغْتَسَلَ: "فكَأنِّي ألقيتُ عنِّي جبَلًا"، المرادُ به: الجنابةُ لِكَونِها كانتْ تُهِمُّه.
ثمَّ قال له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُعلِّمًا: "الصَّعيدُ الطَّيِّبُ"، أي : وجهُ الأرضِ الطَّاهِر، "وَضوءُ المسلمِ ولو إلى عَشْرِ سِنينَ"، أي: التَّيمُّمُ وُضوءُ المُسْلِمِ ولو فَقَد الماءَ لعَشْرِ سنينَ، والمرادُ بالعددِ: الكثرةُ لا التَّحديدُ؛ "فإذا وجَدْتَ الماءَ فأَمِسَّهُ جِلْدَك"، أي: تيَمَّمْ إلى أن تَجِدَ الماءَ؛ فإذا وجَدْتَه فاغْتَسِلْ؛ "فإنَّ ذلك خيرٌ"، أي: إنَّ الماءَ خيرٌ مِنَ التَّيمُّمِ إذا وُجِدَ.
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها