الأذانُ هو إعلامٌ بدُخولِ وَقْتِ الصَّلاةِ، وكانوا قديمًا يُنادُونَ بالأذانِ مِنْ عُلْوٍ حتَّى يَصِلَ الصَّوتُ إلى أَبْعَدِ مَدًى يُمْكِنُ أنْ يَصِلَ إليه.
وفي هذا الحديثِ تَقولُ امرأةٌ مِنْ بَنِي النَّجارِ: "كان بيتي مِنْ أَطولِ بيتٍ حولَ المسجدِ"، أي: مِنْ أعلى الأبنيةِ المُجاوِرةِ لِمْسجدِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "وكان بلالٌ يؤذِّنُ عليه الفَجْرَ"، أي: يَصْعَدُ عليه ليُناديَ بأذانِ الفَجْرِ، وكان بلالٌ مؤذِّنَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، "فيأتي بسَحَرٍ" والسَّحَرُ: الوقتُ الَّذي يكونُ قُبيلَ الفَجْرِ، "فيَجْلِسُ على البيتِ يَنْظُرُ إلى الفَجْرِ"، أي: يُراقِبُ السَّماءَ يتَحرَّى دُخولَ وقتِ الفَجْرِ، "فإذا رآه تَمطَّى"، أي: إذا دَخَل الوقتُ مَدَّ جِسْمَه واعْتَدَل قائمًا مُنفرِدًا.
ثُمَّ قال بلالٌ رضِيَ اللهُ عنه داعيًا: "اللَّهُمَّ إنِّي أحْمَدُك وأسْتَعينُك على قُريشٍ أنْ يُقيموا دِينَك"، أي: أَدْعوكَ يا ربِّ، وأَطْلبُ مِنْكَ العونَ على قُريشٍ حتَّى يَدْخلوا في دِينِ الإسلامِ ويُقيموا شَعائرَه؛ وذلك لأنَّ قُريشًا هم قَلْبُ العَرَبِ وأهلُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فإذا دَخَلوا في الإسلامِ دَخَل كُلُّ العَرَبِ تَبَعًا لهم.
قالتِ المرأةُ: "َّثُمَّ يؤذِّنُ"، أي: عَقِبَ قولِه هذا الدُّعاءَ، ثُمَّ قالَتْ: "واللهِ ما عَلِمتُه كان تَرَكَها ليلةً واحدةً- تَعْني هذه الكَلِماتِ-"، أي: لم يَتْرُكْ هذا الدُّعاءَ يومًا في أذانِ الفَجْرِ.
وفي الحديث: الدُّعاءُ قبلَ الأذانِ.
وفيه: إشارةٌ إلى عُلوِّ قَدْرِ قُريشٍ بينَ العربِ.