كان عُمَرُ بنُ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه مِثالًا للخليفةِ العادلِ الوَرِعِ، ومن عَدلِه ووَرَعِه أنَّه كان لا يُفضِّلُ نَفْسَه على رَعيَّتِه، وفي هذا الحديثِ يقولُ مالِكُ بنُ أوسِ بنِ الحدَثانِ: "ذكَر عُمرُ بنُ الخطَّابِ يومًا الفَيءَ، فقال: ما أنا بأحَقَّ بهذا الفَيءِ منكم", و"الفيءُ" هو ما أُخِذ من الكُفَّار بلا قِتالٍ، وقيل: الغنيمةُ, والمرادُ: لا أَسْتأثِرُ به دونَكم، بل تكونُ القِسمةُ "على مَنازلِنا من كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ", أي: كلٌّ يأخذُ حَسَبَ مَرْتبتِه ومَنْزلتِه الَّتي بيَّنها اللهُ في القرآنِ الكريمِ, وحَسَبَ ما قَسَمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
ثمَّ بيَّن أنَّ التَّفاوتَ في تقسيمِه يكونُ لأسبابٍ شرعيَّةٍ، وليسَتْ بالهوى، فمنها: "الرَّجُلُ وقِدَمُه", أي: سَبْقُه في الإسلامِ, "والرَّجُلُ وبَلاؤُه", أي: ما يُبْلي من شجاعةٍ في سبيلِ اللهِ, "والرَّجُلُ وعيالُه", أي: على حَسَبَ عددِ عيالِه, "والرَّجُلُ وحاجتُه", أي: يُعْطى على قَدْرِ ما يَحتاجُ، وهذا كلُّه مِن بابِ الحِرصِ على العَدلِ بينَ النَّاسِ وإنزالِهم مَنازِلَهم.