للنُّسُكِ شأنٌ عظيمٌ في الإسلامِ، والنُّسُكُ لفظٌ عامٌّ يَشمَلُ كلَّ مَظاهرِ العِباداتِ، فلِلحَجِّ نُسكٌ، وللعُمْرةِ نُسكٌ، وللأُضحيَّةِ نُسكٌ، وخيرُ النُّسكِ هو ما كان اقتداءً وتأسِّيًا بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ: أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم "أقبَلَ"، أي: جاء "فدخَل مكَّةَ"، وذلك عامَ الفتحِ، "فأقبَلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الحجَرِ"، أي: فتَوجَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الحجَرِ الأسوَدِ، "فاستَلمَه"، أي: فلَمَسه وقبَّلَه، "ثمَّ طاف بالبيتِ"، أي: طاف حولَ الكعبةِ مِثلَما يَفعَلُ الحاجُّ أوِ المعتمِرُ، "ثمَّ أتى الصَّفا"، أي: ثمَّ توجَّه إلى جبَلِ الصَّفا، "فعَلاه"، أي: فصَعِد عليه، "حيث يَنظُرُ إلى البيتِ"، أي: الْتفَتَ إلى الكعبةِ بعدَما صَعِد على جبَلِ الصَّفا، "فرفَع يدَيْه"، أي: داعيًا مُتضرِّعًا للهِ عزَّ وجلَّ، "فجَعَل يَذكُرُ اللهَ ما شاءَ أن يَذكُرَه ويَدْعوه"، أي: ظلَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو على جبَلِ الصَّفا يَدْعو اللهَ ويَذكُرُه، ويتَبتَّلُ إليه بالدُّعاءِ وقتًا طويلًا.
"قال"، أي: أبو هُريرَةَ راوي الحديثِ: "والأنصارُ تَحتَه"، أي: وجَماعةُ الأنصارِ معَه وبِجانبِه تَحتَ جبَلِ الصَّفا، قال هاشمٌ: "فدَعا وحَمِد اللهَ، ودَعا بما شاء أن يَدْعوَ"، أي: فأكْثَر النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من التَّحميدِ والتَّهليلِ والتَّكبيرِ والدُّعاءِ.
وفي الحديثِ: التَّأسِّي بالنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في أداءِ النُّسكِ.
وفيه: بَدْءُ الطَّوافِ مِن عندِ الحجَرِ الأسوَدِ.
وفيه: الدُّعاءُ ورَفعُ اليدَينِ عندَ الصَّفا.