الموسوعة الحديثية


- كنتُ معَ أبي بَصرةَ الغِفاريِّ صاحبِ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ في سفينةٍ منَ الفُسطاطِ في رمضانَ، فرفعَ ثمَّ قرِّبَ غداهُ، قالَ جعفرٌ في حديثِهِ: فلم يجاوزِ البيوتَ حتَّى دعا بالسُّفرة، قال: اقترِبْ قلتُ: ألستَ ترى البيوتَ، قالَ أبو بصرةَ أترغَبُ عن سنَّةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ جعفَرٌ في حديثِه: فأَكلَ
الراوي : عبيد بن جبر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح أبي داود | الصفحة أو الرقم : 2412 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
كان الصَّحابةُ رضِي اللهُ عنهم يُعظِّمون النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويَحرِصون على اتِّباعِ هَديِه والاقتداءِ به صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، حيث ما كان أحدٌ منهم يَحيدُ عن طريقِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفي هذا الحديثِ يَقولُ عُبيدُ بنُ جَبْرٍ: "كنتُ مع أبي بَصْرةَ الغِفاريِّ صاحبِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في سَفينةٍ"، أي: كانوا مُسافرين على سَفينةٍ، "مِنَ الفُسْطاطِ"، أي: مِن مدينةِ الفُسطاطِ التي بمِصْرَ، "في رمَضانَ"، أي: في شَهرِ رمَضانَ، "فرُفِعَ"، أي: فتَحرَّك وتحرَّكَتِ السَّفينةُ في الماءِ، "ثُمَّ قُرِّبَ غَداه"، أي: جُهِّز طعامُ الغَداءِ.
قال جَعفرٌ في حَديثِه: "فلم يُجاوِزِ البُيوتَ"، أي: لم يَبعُدْ عنِ البُيوتِ والعُمرانِ فهِيَ على مَرْمى البصَرِ، "حتَّى دَعا بالسُّفرةِ"، أي: حتَّى طلَب الطَّعامَ ليَأكُلَ، "قال"، أي: قال أبو بَصْرةَ لعُبيدِ بنِ جبرٍ: "اقتَرِبْ"، أي: تَعالَ لتَأكُلَ، "قلتُ"، أي: قال عُبيدُ بنُ جبرٍ لأبي بَصرةَ: "ألَستَ تَرى البيوتَ؟!"، أي: ألَسْنا لَم نبتَعِدْ عن البُيوتِ بالقَدْرِ الكافي حتَّى نُفطِرَ؟! وكأنَّه يَستنكِرُ عليه أن يُفطِرَ وهو ما زال داخِلَ حُدودِ المدينةِ ويَرى بُيوتَها، "قال أبو بَصرةَ: أتَرغَبُ عن سُنَّةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؟!"، أي: استَنكَر أبو بصرةَ إنكارَ عُبيدِ بنِ جبرٍ عليه، وقال له: أتَترُكُ سُنَّةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتَبتعِدُ عن هَديِه والاقتداءِ به؟! حيثُ كان مِن سُنَّتِه صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه إذا غادَرَ البَلدَ وفارَقَ البُيوتَ والعمرانَ- وإنْ كان يَراها- فإنَّه يأخُذُ برُخَصِ السَّفرِ مِن فِطرٍ وقَصرٍ للصَّلاةِ.
قال جعفرٌ في حديثِه: "فأكَل"، أي: فأكَل عُبيدُ بنُ جبرٍ وأفطَر مِن صومِه مع أبي بَصرةَ.
وفي الحديثِ: تعظيمُ سُنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه: الأخذُ بالرُّخصةِ وعدمُ التَّكلُّفِ في تَركِها.