الموسوعة الحديثية


- أنَّهُ تَزَوَّجَ ابْنَةً لأبِي إهَابِ بنِ عَزَيْزٍ، فأتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقالَتْ: قدْ أرْضَعْتُ عُقْبَةَ، والَّتي تَزَوَّجَ، فَقالَ لَهَا عُقْبَةُ: ما أعْلَمُ أنَّكِ أرْضَعْتِنِي، ولَا أخْبَرْتِنِي، فأرْسَلَ إلى آلِ أبِي إهَابٍ يَسْأَلُهُمْ، فَقالوا: ما عَلِمْنَا أرْضَعَتْ صَاحِبَتَنَا، فَرَكِبَ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمَدِينَةِ، فَسَأَلَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كيفَ وقدْ قيلَ، فَفَارَقَهَا ونَكَحَتْ زَوْجًا غَيْرَهُ
الراوي : عقبة بن الحارث | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 88 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
إرضاعُ المرأةِ طِفلًا غيرَ وَلَدِها تَترتَّبُ عليه أحكامٌ شَرعيَّةٌ؛ فإنَّه يَحرُمُ مِن الرَّضاعِ ما يَحرُمُ مِن النَّسبِ.وفي هذا الحديثِ يُخبِرُنا عُقبةُ بنُ الحارثِ رَضيَ اللهُ عنه عن نفْسِه أنَّه تَزوَّجَ ابنةً لأبي إهابِ بنِ عَزِيزٍ، وكان اسمُها غَنِيَّةَ، وكُنيتُها أمَّ يَحْيى، فأتَتْه امرأةٌ مُرْضِعةٌ، فأخبَرَتْه أنَّها أرضَعَتْه هو والمرأةَ الَّتي تَزوَّجَ بها، أي: إنَّ المرأةَ الَّتي تَزوَّجَها هي أختُه مِن الرَّضاعةِ؛ لأنَّها أرضَعَتْهما الاثنينِ، فكان جَوابُ عُقبةَ رَضيَ اللهُ عنه: ما أعلَمُ أنَّكِ أرضَعْتِني، فاعتذَرَ بأنَّه لا عِلمَ له بذلك، أو أنكَرَ أنَّها أرضَعَتْه مِن الأصلِ كأنَّه اتَّهَمَها، وفي رِوايةٍ للبُخاريِّ أنَّ عُقبةَ «أرْسَلَ إلى آلِ أبِي إِهابٍ يَسأَلُهم فقالوا: مَا عَلِمْناه أرْضَعَتْ صاحِبَتَنا»، فأنْكَروا هم أيضًا رَضاعةَ هذه المُدَّعِيةِ للزَّوجةِ، وللوقوفِ على الأمْرِ رَكِبَ عُقبةُ مِن مكَّةَ؛ لأنَّها كانت دارَ إقامتِه، فذهَبَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بالمدينةِ، فسَأَله، فأجابَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: كيف وقد قِيلَ؟ أي: كيف تُباشِرُها وقدْ قيل: إنَّها أختُك مِن الرَّضاعةِ؛ وذلك بَعيدٌ مِن ذي المُروءةِ والوَرَعِ، ففارَقَها اتِّقاءً للشُّبهاتِ، أو لفَسادِ النِّكاحِ؛ لأنَّ المرأةَ المُرضِعةَ أثبَتَت الرَّضاعَ، ونَفاهُ عُقبةُ، فاعتمَدَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قَولَها، وأمَرَه بفِراقِ امرأتِه، ونكَحَتْ هي زَوجًا غيرَه.وفي الحديثِ: اتِّقاءُ الشُّبهاتِ.وفيه: أنَّ مَن لم يَعلَمِ الشَّيءَ فليس بحُجَّةٍ على مَن علِمَه.وفيه: حِرصُ الصَّحابةِ على العِلمِ، وإيثارُ ما يُقرِّبُهم إلى اللهِ تعالَى.