- كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَسِيرٍ، قالَ: فَنَفِدَتْ أزْوادُ القَوْمِ، قالَ: حتَّى هَمَّ بنَحْرِ بَعْضِ حَمائِلِهِمْ، قالَ: فقالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللهِ، لو جَمَعْتَ ما بَقِيَ مِن أزْوادِ القَوْمِ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عليها، قالَ: فَفَعَلَ، قالَ: فَجاءَ ذُو البُرِّ ببُرِّهِ، وذُو التَّمْرِ بتَمْرِهِ، قالَ: وقالَ مُجاهِدٌ: وذُو النَّواةِ بنَواهُ، قُلتُ: وما كانُوا يَصْنَعُونَ بالنَّوَى؟ قالَ: كانُوا يَمُصُّونَهُ ويَشْرَبُونَ عليه الماءَ، قالَ: فَدَعا عليها قالَ حتَّى مَلأَ القَوْمُ أزْوِدَتَهُمْ، قالَ: فقالَ عِنْدَ ذلكَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، لا يَلْقَى اللَّهَ بهِما عَبْدٌ غيرَ شاكٍّ فِيهِما، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ.
الراوي :
أبو هريرة | المحدث :
مسلم
|
المصدر :
صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 27 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
- كُنَّا مع النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في مَسِيرٍ، قالَ: فَنَفِدَتْ أزْوادُ القَوْمِ، قالَ: حتَّى هَمَّ بنَحْرِ بَعْضِ حَمائِلِهِمْ، قالَ: فقالَ عُمَرُ: يا رَسولَ اللهِ، لو جَمَعْتَ ما بَقِيَ مِن أزْوادِ القَوْمِ، فَدَعَوْتَ اللَّهَ عليها، قالَ: فَفَعَلَ، قالَ: فَجاءَ ذُو البُرِّ ببُرِّهِ، وذُو التَّمْرِ بتَمْرِهِ، قالَ: وقالَ مُجاهِدٌ: وذُو النَّواةِ بنَواهُ، قُلتُ: وما كانُوا يَصْنَعُونَ بالنَّوَى؟ قالَ: كانُوا يَمُصُّونَهُ ويَشْرَبُونَ عليه الماءَ، قالَ: فَدَعا عليها قالَ حتَّى مَلأَ القَوْمُ أزْوِدَتَهُمْ، قالَ: فقالَ عِنْدَ ذلكَ: أشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وأَنِّي رَسولُ اللهِ، لا يَلْقَى اللَّهَ بهِما عَبْدٌ غيرَ شاكٍّ فِيهِما، إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ..
الراوي: أبو هريرة | المحدث: مسلم | المصدر: صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 27
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
فضْلُ اللهِ على عِبادِه عظيمٌ، ورحمتُه وَسِعَتْ كلَّ شيءٍ، ومِن رحمتِه لهم أنَّ مَن مات على التَّوحِيد دخَل الجَنَّةَ، وفي هذا الحَديثِ يقولُ أبو هريرةَ رضِيَ اللهُ عنه: "كنَّا مع النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مَسِيرٍ"، أي: سَفَرٍ لهم، "فنَفِدَتْ الأزْوادُ"، أي: ما يتزوَّدُون به من طعامٍ، "حتى همَّ بنحْرِ بعضِ حمائِلِهم"، أي: أقدَمُوا بسَببِ الجوعِ أن يذبحُوا بعضَ إبِلِهم التي كانتْ تَحمِلُهم، فقال عمرُ بنُ الخطَّابِ رضِيَ اللهُ عنه: "يا رسولَ الله، لو جمعْتَ ما بَقِي مِن أزوادِ القومِ، فدعوتَ اللهَ عليها"، أي: نجمَعُ ما تَبقَّى مع النَّاسِ من القوتِ والطَّعامِ، وادعُ اللهَ أنْ يُبارِكَ فيه، بدلًا من ذبْحِ الرَّكائبِ والحمائِلِ مِن الإبلِ، قال أبو هريرةَ: "ففَعَل"، أي: فجَمَع النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الطَّعامَ ودعا اللهَ أن يبارِكَ فيه، "فجاء ذو البُرِّ بِبُرِّهِ"، أي: أتى مَن معه بعضٌ من القَمْحِ به، "وذُو التمْرِ بتمرِهِ- وقال مجاهدٌ، وهو ابنُ جَبَر، أي: في روايته: وذو النَّواةِ بنواه-"، أي: جاء مَن معه نَوَى البلحِ التي يكونُ بداخلِها. قال طلحةُ بن مصرِّفٍ لمجاهدٍ: قلت: "وما كانوا يَصنعون بالنَّوَى؟"، أي: ما فائدتُه، وهو ليسَ بطَعامٍ يُؤكَلُ؟ قال مجاهدٌ: كانوا يمصُّونه ويشربُون عليه الماءَ"، وهذا مِن ضِيق الحالِ وشدَّة الفقرِ، وفيه إشارةٌ أنَّ الصحابةَ رضِيَ اللهُ عنهم بَذَلوا كلَّ ما كان يملكِونه ولم يَضِنَّ به أحدٌ على نفسِه.
قال: "فدعا عليها حتى ملأَ القومُ أزْوِدَتِهم"، أي: دعا النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الطَّعامِ والزَّادِ المجموعِ بالبَرَكةِ، فبارَك اللهُ، حتى ملأَ النَّاسُ أوعِيتَهم ممَّا فاضَ به ذلك الطَّعامُ، فقال النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: "أشهدُ أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وأنِّي رسولُ الله"، أي: شهِد النَّبِيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالتوحيدِ لله، ولنفْسِه بالرِّسالَة، وأنَّه صادِقٌ فيما جاء به مِن عند مولاه، وهذه البرَكَةُ دليلٌ على ذلك.
ثمَّ قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا يَلقَى اللهَ بهما عبدٌ، غيْر شاكٍّ فيهما، إلَّا دخَل الجنَّةَ"، أي: مَن شهِد لله بالتَّوحِيدِ ولمحمَّدٍ بالرِّسالةِ، ومات على ذلك وهو متيقِّنٌ من مَعْنَيْهِما وعَمِل بمقتَضَى ذلك، أدخَله اللهُ الجنَّةَ؛ فأهلُ التَّوحِيد سَيدخُلون الجنَّةَ، وإن عُذِّبُوا بالنَّارِ بذنُوبِهم فإنَّهم لا يُخلَّدُون في النَّارِ.
وفي الحَديثِ: بيانُ ما كان عليه الصَّحابَةُ رضِيَ اللهُ عنهم مِن الثَّقَةِ والإيمانِ برَسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم.
وفيه: مُعجزةٌ ظاهرةٌ للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وهو مِن أعلامِ نُبُوَّتِه.
وفيه: بيانُ تواضُعِ النَّبِيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم حيثُ قَبِل رأيَ عمَرَ رضِيَ اللهُ عنه، وأَخَذ بمشُورتِهِ.( ).