الموسوعة الحديثية


- أَشْرَفَ النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى أُطُمٍ مِن آطَامِ المَدِينَةِ، فَقالَ: هلْ تَرَوْنَ ما أرَى؟ إنِّي لَأَرَى مَوَاقِعَ الفِتَنِ خِلَالَ بُيُوتِكُمْ كَمَوَاقِعِ القَطْرِ.
الراوي : أسامة بن زيد | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم : 1878 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه البخاري (1878)، ومسلم (2885)
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مُعلِّمًا ومُربِّيًا؛ يَستثمِرُ كُلَّ فُرصةٍ للدَّعوةِ إلى اللهِ تعالَى، وتَربيةِ أُمَّتِه على الخيرِ، وتَحذيرِهم مِن كلِّ شَرٍّ، ومِن ذلك الإخبارُ ببَعضِ ما سيَقَعُ في المستقبَلِ مِن فِتَنٍ وشُرورٍ كَي يَكونوا على حذَرٍ مِن أمْرِهم.
وفي هذا الحَديثِ عَلَمٌ مِن أعلامِ نُبوَّتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ومُعجزةٌ ظاهرةٌ له عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ، حيثُ أخبَرَ ببَعضِ ما وقَعَ بعدَه؛ فيَرْوي أُسامةُ بنُ زَيدٍ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ارْتَقَى أحدَ الحُصونِ أو الأبنيةِ المرتفعةِ بالمدينةِ ونظَرَ منه، ثمَّ لفَتَ انتباهَ مَن معه بقَولِه: «هل ترَوْنَ ما أرى؟»، ثمَّ أخبَرهم بما يَراه ببَصَرِه، وهو مَواضعُ سُقوطِ ونُزولِ الفِتَنِ الَّتي ستَكونُ في المدينةِ، كأنَّه يَراها في الفُرَجِ الَّتي بيْن البيوتِ، وأخبَرَهم أنَّها كَثيرةٌ وعامَّةٌ ككَثرةِ وعُمومِ مَواقعِ المطَرِ. والفتنُ هي الاختبارُ والابتلاءُ الَّذي يَحُلُّ في أُمورِ الدِّينِ أو الدُّنيا.
وإنَّما اختُصَّتِ المدينةُ بذلك؛ لأنَّ قَتْلَ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه كان بها، ثمَّ انتشَرَتِ الفِتَنُ في البلادِ بعدَ ذلك؛ فالقتالُ بالجَمَلِ وبصِفِّينَ كان بسَببِ قتْلِ عُثمانَ رَضيَ اللهُ عنه، والقِتالُ بالنَّهْروانِ كان بسَببِ التَّحكيمِ بصِفِّينَ، وكلُّ قِتالٍ وقَعَ في ذلك العصرِ إنَّما تولَّدَ عن شَيءٍ مِن ذلك، أو عن شَيءٍ تولَّد عنه.
وفي الحديثِ: لَفْتُ الانتباهِ في التَّعليمِ مِن خِلالِ السُّؤالِ والجوابِ.