الموسوعة الحديثية


- كُنَّا لا نَرَى بالخِبْرِ بَأْسًا حتَّى كانَ عَامُ أَوَّلَ، فَزَعَمَ رَافِعٌ أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ نَهَى عنْه. [وفي رواية]: فَتَرَكْنَاهُ مِن أَجْلِهِ. [وفي رواية]: لقَدْ مَنَعَنَا رَافِعٌ نَفْعَ أَرْضِنَا.
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1547 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : من أفراد مسلم على البخاري
كانتِ الجاهِليَّةُ يَسودُ فيها أنواعٌ مِن المعامَلاتِ الَّتي تَمتلِئُ ظُلمًا وإجحافًا، فلمَّا جاء الإسلامُ أقرَّ البَيعَ العادلَ، ونهَى عن كلِّ ما فيه ظُلمٌ؛ فمَنَع ما فيه الغِشُّ والغرَرُ والجهالةُ لقَطْعِ النِّزاعِ والخُصومةِ بيْن الناس، وهذا مَقصِدٌ مِن المَقاصِدِ الشَّرعيَّةِ.
وفي هذا الحديثِ يُخبِرُ عَبدُ اللهِ بنُ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما أنَّهمْ كانوا لا يَرَونَ بالخِبْرِ -بكَسرِ الخاءِ- بأسًا، أيْ: كانوا يَعملُونَ بالمُخابَرةِ، وهيَ المُعامَلةُ على الأرضِ ببَعضِ ما يَخرُجُ منها مِن الزَّرعِ، ويكونُ البَذْرُ مِن العامِلِ، واستمرَّ الأمرُ على ذلك حتَّى السَّنةِ الَّتي سَبقَت السَّنةَ الَّتي يُحدِّثُ فيها ابنُ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما بهذا الحديثِ، وعند مُسلمٍ: «أنَّ ابنَ عمَرَ كان يُكْري مَزارعَه على عهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، وفي إمارةِ أبي بَكرٍ، وعَمَر، وعُثمانَ، وصدْرًا مِن خِلافةِ مُعاويةَ، حتَّى بلَغَه في آخِرِ خِلافةِ مُعاويةَ»؛ وذلك أنَّ رافِعَ بنَ خَدِيجٍ رَضِي اللهُ عنه أخبَرَ أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم نَهى عنِ المُخابَرةِ، فتَرَكَ ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما المُخابَرةَ؛ مِن أجْلِ ما رَوى رافِعٌ رَضِي اللهُ عنه عنْ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
وفي روايةٍ قال ابنُ عُمرَ رَضِي اللهُ عنهما: «لَقدْ مَنَعَنا رافِعٌ نَفْعَ أرضِنا»، أي: مَنَعَنا رافِعُ بنُ خَدِيجٍ رَضِي اللهُ عنه ما كنَّا نَنْتَفِعُ به مِنْ أرضِنا بالمُخابَرَةِ.
وابنُ عمرَ رَضِي اللهُ عنهما لم يَستفصِلْ مِن رافعٍ عن المقصودِ بالنَّهيِ؛ وفي الصَّحيحينِ، عن حَنْظلةَ بنِ قَيسٍ: «أنَّه سَأل رافعَ بنَ خَديجٍ عن كِراءِ الأرضِ، فقال: نَهى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عن كِراءِ الأرضِ، قال: فقلْتُ: أبالذَّهبِ والوَرِقِ؟ فقال: أمَّا بالذَّهبِ والوَرِقِ فلا بأسَ به»، وفي الصَّحيحينِ أيضًا، عن ابنِ عمَرَ رَضِي اللهُ عنهما، قال: «عامَلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم خَيبَرَ بشَطرِ ما يَخرُجُ منها مِن ثمَرٍ أو زرْعٍ». وعليه فإنَّ للمالكِ أنْ يُؤجِّرَها بنِسبةٍ شائعةٍ ممَّا يُزرَعُ فيها، كالرُّبعِ والثُّلثِ مِن إنتاجِها، وأنَّ المَنهيَّ عنه مَحمولٌ على ما فيه مُخاطَرةٌ وجَهالةٌ وغرَرٌ، وكان أشْهَرُها هي الَّتي كان يَختَصُّ بها صاحبُ الأرضِ بجُزءٍ منها وما تُنبِتُه لنفسِه.