الموسوعة الحديثية


-  ما مِن يَومٍ أَكْثَرَ مِن أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فيه عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِن يَومِ عَرَفَةَ، وإنَّه لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بهِمُ المَلَائِكَةَ، فيَقولُ: ما أَرَادَ هَؤُلَاءِ؟
الراوي : عائشة أم المؤمنين | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم | الصفحة أو الرقم : 1348 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح] | التخريج : أخرجه مسلم (1348)
فَضَّلَ اللهُ بعضَ الأيَّامِ عَلى بعضٍ، والأيَّامُ الفاضِلةُ هي مَواسِمُ لنَفَحاتِ اللهِ وعَطاياهُ لعِبادِه، يَغفِرُ فيها الذُّنوبَ، ويَرفَعُ فيها الدَّرَجاتِ، وَمِن تِلكَ الأيَّامِ الفاضلةِ يَومُ عَرَفةَ.
وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ ما يكونُ في يَومِ عَرفةَ مِنَ الخَلاصِ عنِ العَذابِ، والعِتقِ منَ النَّارِ، أَكثرَ ممَّا يَكونُ في سائرِ الأيَّامِ، وعَرَفةُ بُقعةٌ على الطَّريقِ بيْنَ مَكَّةَ والطَّائِفِ، تبعُدُ عن مَكَّةَ حَوالَيْ (22 كم)، وعلى بُعدِ (10 كم) مِن مِنًى، و(6 كم) مِن مُزدَلِفةَ، يقِفُ عليها الحجَّاجُ يومَ التَّاسِعِ من ذي الحِجَّةِ يَدْعونَ اللهَ ويَستَغفرونَه، «وإنَّه» سُبحانَه وتَعالى «لَيدْنو» دُنُوًّا يَليقُ بجَلالِهِ وعَظمَتِه، كما أثْبَتَه سُبحانَه لِنَفسِه، دُونَ تَشبيهٍ أوْ تَمثيلٍ، ثُمَّ يُباهي المَلائكةَ بمَن بعَرَفةَ منَ المسلِمينَ الواقِفينَ؛ فيُظهِرُ فَضْلَهم لهم ويُرِيهِم حُسنَ عَملِهم، ويُثْني عَليهم عِندَهم، وأَصلُ البَهاءِ: الحُسنُ والجَمالُ، فيُفاخِرُ بهم ويُعظِّمُهم بحَضرةِ الملائكةِ، «فيَقولُ: ما أَرادَ هَؤلاءِ؟»، أي: أيُّ شَيءٍ أَرادَ هَؤلاءِ حيثُ تَركوا أهْلَهم وأَوْطانَهم وصَرَفوا أَموالَهم وأَتعَبوا أَبْدانَهم؟ والجوابُ محذوفٌ، تَقديرُه: ما أرادوا إلَّا المَغفرةَ والرِّضا، وَهذا يَدُلُّ عَلى أَنَّهم مَغفورٌ لَهم؛ لأنَّه لا يُباهى بأهْلِ الخَطايا والذُّنوبِ إلَّا مِن بَعدِ التَّوبةِ والغُفرانِ.
وفي الحَديثِ: إِثباتُ صِفةِ الدُّنوِّ للهِ سُبحانَه وتَعالى كَما تَليقُ بجَلالِه وعَظمتِه.
وَفيه: إِثباتُ صِفةِ المُباهاةِ للهِ سُبحانَه وتَعالى كَما تَليقُ بِجلالِه وعَظمتِه.