الموسوعة الحديثية


- ستكونُ بَعدي فتَنٌ كقِطعِ اللَّيلِ المظلِمِ ، يُصدَمُ الرَّجلُ كصَدمِ جباهِ فُحولِ الثِّيرانِ ، يُصبِحُ الرَّجلُ فيها مُسلمًا ويُمسي كافرًا ، ويُمسي مُؤمنًا ويُصبِحُ كافرًا ، فقال رجلٌ : فكيفَ نصنعُ عندَ ذلكَ يا رسولَ اللهِ ؟ قال صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ : ادخُلوا بيوتَكم ، وأَخمِلوا ذِكرَكُم ، فقال رجلٌ : أرأيتَ إن دُخِلَ على أحدِنا بيتُهُ ؟ قال : فلْيُمسكْ بيدِه ، ولْيكن [ عبدَ ] اللهِ المقتولَ ، ولا يكن [ عبدَ ] اللهِ القاتلَ ، فإنَّ الرَّجلَ يكونُ في [ فئةِ ] الإسلامِ ، فيأكلُ مالَ أخيه ، ويسفِكُ دمَه ، ويعصي ربَّه ، ويَكفُرُ بخالقِهِ ، وتجِبُ [ لهُ ] جهنَّمُ
خلاصة حكم المحدث : إسناده حسن
الراوي : جندب بن عبدالله | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : المطالب العالية | الصفحة أو الرقم : 5/8
| التخريج : أخرجه ابن أبي شيبة (38585)، وأبو يعلى (1523) واللفظ لهما، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (2/ 177) (1724) بنحوه.
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - العزلة فتن - ترك القتال في الفتن فتن - ظهور الفتن فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إخبار النبي عن المغيبات فتن - ما يفعل في الفتن
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
أخبَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما سَيَكونُ بَعدَ مَوتِه مِنَ الفِتَنِ والأحداثِ التي سَتَقَعُ في هذه الأُمَّةِ، وكَيفيَّةِ التَّعامُلِ مَعَها لمَن أدرَكَها، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَتَكونُ بَعدي، أي: بَعدَ مَوتي، فِتَنٌ كَقِطَعِ اللَّيلِ المُظلِمِ، أي: فِتَنٌ عَظيمةٌ شَديدةٌ مُتَكاثِرةٌ مُتَراكِمةٌ كَتَراكُمِ ظَلامِ اللَّيلِ المُظلمِ لا المُقمِرِ، يَشتَبِهُ فيها الحَقُّ بالباطِلِ، فلشِدَّتِها تَشتَبِهُ على كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ، يَصدِمُ الرَّجُلَ كَصَدمِ جِباهِ فُحولِ الثِّيرانِ، أي: أنَّ هذه الفِتَنَ تَصدِمُ الشَّخصَ بقوَّةٍ شَديدةٍ كَصَدمِ جَبهةِ فَحلِ الثَّورِ، وهو الذَّكَرُ مِنه، إذا صَدَمَ شَيئًا بجَبهَتِه فتَكونُ صَدمةً شَديدةً تُسقِطُ المَصدومَ على الأرضِ وتَصرَعُه، يُصبحُ الرَّجُلُ فيها، أي: أيَّامِ الفِتَنِ، مُسلمًا ويُمسي كافِرًا، ويُمسي مُؤمِنًا ويُصبحُ كافِرًا، أي: تَتَقَلَّبُ أحوالُ النَّاسِ أيَّامَ الفِتَنِ تَقَلُّبًا شَديدًا وسَريعًا، فلعِظَمِ الفِتَنِ يَنقَلبُ الإنسانُ في اليَومِ الواحِدِ هذا الانقِلابَ؛ ففي الصَّباحِ يَكونُ مُسلِمًا ثُمَّ تَأتي عليه هذه الفِتَنُ فلا يُمسي إلَّا وهو كافِرٌ! وبَعضُهم يَكونُ في المَساءِ مُؤمِنًا فتَأتي عليه الفِتَنُ فلا يُصبحُ إلَّا وهو كافِرٌ! فقال رَجُلٌ، أي: قامَ رَجُلٌ مِنَ الصَّحابةِ وقال: فكَيف نَصنَعُ عِندَ ذلك يا رَسولَ اللهِ؟ أي: أخبِرْنا وأرشِدْنا بما نَعمَلُه إذا أدرَكَتنا تلك الفِتَنُ. فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ادخُلوا بُيوتَكُم، أي: ليَلزَمْ كُلُّ واحِدٍ بَيتَه ويَعتَزِلِ النَّاسَ، وأخمِلوا ذِكرَكُم، أي: لا يُشارِكْ في أمرِ الفِتَنِ لا بقَولٍ ولا بفِعلٍ، وإنَّما يَكونُ خامِلَ الذِّكرِ ليسَ له ذِكرٌ في الفِتَنِ. ثُمَّ قال رَجُلٌ آخَرُ: أرَأيتَ إن دُخِل على أحَدِنا بَيتَه؟ أي: إذا اعتَزَل الرَّجُلُ في بَيتِه ولم يُشارِكْ في أمرِ الفِتَنِ، فقَصَدَ بَعضُ النَّاسِ إلى بَيتِه وهَجَمَ عليه، فماذا يَفعَلُ؟ هَل يُقاتِلُه أم ماذا يَصنَعُ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فليُمسِكْ بيَدِه، أي: يَكُفَّ يَدَه عنِ القِتالِ، وليَكُنْ عَبدَ اللهِ المَقتولَ، ولا يَكُنْ عَبدَ اللهِ القاتِلَ، أي: يَختارُ أن يَكونَ هو المَقتولَ على أن يَكونَ هو القاتِلَ؛ فإنَّ الرَّجُلَ يَكونُ في فِئةِ الإسلامِ، أي: داخِلَ الإسلامِ، وفي رِوايةٍ أُخرى: قُبَّةِ الإسلامِ، أي: وسَطَ الإسلامِ، فيَأكُلُ مالَ أخيه، أي: ظُلمًا وبغَيرِ حَقٍّ، ويَسفِكُ دَمَه، أي: يَقتُلُه بغَيرِ حَقٍّ، ويَعصي رَبَّه، ويَكفُرُ بخالقِه، وتَجِبُ له جَهَنَّمُ، أي: فعِندَ ذلك يَستَحِقُّ دُخولَ النَّارِ.
وفي الحَديثِ عَلَمٌ مِن أعلامِ النُّبوَّةِ؛ حَيثُ أخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بوُقوعِ الفِتَنِ بَعدَ مَوتِه.
وفيه بَيانُ شِدَّةِ الفِتَنِ على المَرءِ.
وفيه بَيانُ كَيفيَّةِ التَّعامُلِ مَعَ الفِتَنِ إذا وقَعَت.
وفيه التَّحذيرُ مِنَ المُشارَكةِ في القِتالِ أيَّامَ الفِتَنِ.
وفيه مَشروعيَّةُ اختيارِ المَرءِ أن يَكونَ مَقتولًا على أن يَكونَ قاتِلًا .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها