حَياةُ المُسلمِ يَنبَغي أن تَكونَ في طاعةِ اللهِ تعالى وذِكرِه وكُلِّ ما يُقَرِّبُ إلى اللَّهِ تعالى وإلى مَرضاتِه، والابتِعادِ عن جَميعِ المُلْهياتِ التي تَصُدُّه عن ذِكرِ اللهِ تعالى، ومن أسبابِ تَحريمِ اللهِ تعالى للمُحَرَّماتِ أنَّها تَشغَلُ عنِ اللهِ وتَصُدُّ عن ذِكرِه؛ يَقولُ اللهُ تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ}
[المائدة: 91] ، وإنَّ من هذه المُلهياتِ النَّردَ، وقد جاءَ التَّحذيرُ عنه في قَولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن لعِبَ بالنَّردِ فقد عَصى اللهَ ورَسولَه، ويُسَمَّى أيضًا: النَّردَشِيرَ، وهو اسمٌ أعجَميٌّ مُعَرَّبٌ. وشِير: بمَعنى حُلوٍ، وهو الزَّهرُ المَعروفُ في اللَّعِبِ على شَكلِ مُكَعَّباتٍ، على كُلِّ جانِبٍ مِنها رَقمٌ أو إشاراتٌ للأرقامِ. وهو نَوعٌ مِنَ اللُّعَبِ التي يُقامَرُ بها.
وقد جاءَ عن جَماعةٍ مِنَ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهمُ النَّهيُ عنِ النَّردِ والإنكارُ على أصحابِه، وفي هذا الحَديثِ أنَّ عائِشةَ رَضِيَ اللهُ عنها بَلغَها أنَّ أهلَ بَيتٍ في دارِها كانوا سُكَّانًا فيها، أي: كانوا يَسكُنونَ في بَيتِ عائِشةَ إمَّا بالأُجرةِ أو بدونِ أُجرةٍ، وكان أهلُ هذا البَيتِ عِندَهم نَردٌ، أي: يَلعَبونَ به، فأرسَلَت عائِشةُ إليهم تَقولُ لهم: لئِن لم تُخرِجوها، أي: تُخرِجوا النَّردَ مِنَ البَيتِ، لأخرجنَّكُم مِن داري. وذلك على مَعنى المُباعَدةِ للَّاعِبِ بها وتَطهيرِ دارِها عن باطِلِها، وأنكَرَت ذلك عليهم، أي: أنكَرَت عليهم وُجودَ النَّردِ في البَيتِ، وإنكارُ عائِشةَ للنَّردِ لا يَكونُ إلَّا لعِلمٍ عِندَها أنَّه مَنهيٌّ عنه.
وفي الحَديثِ أنَّ النَّردَ مُنكَرٌ مِنَ المُنكَراتِ.
وفيه إنكارُ المُنكَرِ على مَن فعَله.
وفيه مَشروعيَّةُ إخراجِ المالكِ للمُستَأجِرِ بَيتَه إذا كان المُستَأجِرُ يَأتي ويَفعَلُ بَعضَ المُنكَراتِ في البَيتِ .