الموسوعة الحديثية


- عنِ ابنِ عبَّاسٍ رَضيَ اللهُ عنهُما، قالَ: بيْنَما أنا أَقرأُ آيَةً مِن كتابِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأنا أَمْشي في طريقٍ مِن طُرُقِ المدينةِ، فإذا أنا برجُلٍ يُناديني مِن بَعْدي: اتَّبِعِ ابنَ عبَّاسٍ، فإذا هو أميرُ المؤمنينَ عُمَرُ، فقلتُ: أتَّبِعُكَ على أُبيِّ بنِ كَعْبٍ؟ فقالَ: أهو أقْرَأَكها كما سَمِعْتُكَ تَقْرأُ؟ قلتُ: نَعَمْ، قالَ: فأَرْسِلْ معي رسولًا، قالَ: اذهبْ معهُ إلى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ، فانظُرْ أيَقرأُ أُبيٌّ كذلك؟ قالَ: فانطلَقْتُ أنا ورسولُهُ إلى أُبيِّ بنِ كَعْبٍ فقلتُ: يا أُبيُّ، قَرأتُ آيَةً مِن كتابِ اللهِ، فيُناديني مِن بعدي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ: اتَّبِعِ ابنَ عبَّاسٍ، فقلتُ: أتَّبِعُكَ على أُبَيِّ بنِ كَعْبٍ؟ فأَرسَلَ معي رسولَهُ، أفأنتَ أقْرَأْتَنِيها كما قَرأتُ؟ قالَ أُبَيٌّ: نَعَمْ. قالَ: فرَجَعَ الرَّسولُ إليه، فانطلَقتُ أنا إلى حاجَتي، قالَ: فراحَ عُمَرُ إلى أُبيٍّ، فوجَدْتُ قد فَرَغَ مِن غَسْلِ رأْسِهِ، ووليدَتُهُ تَدَّري لِحْيَتَهُ بمِدْراها، فقالَ أُبيٌّ: مرْحبًا يا أميرَ المؤمنينَ، أزائرًا جئتَ أَمْ طالِبَ حاجةٍ؟ فقالَ عُمَرُ: بلْ طالِبُ حاجةٍ. قالَ: فجَلَسَ ومعه مَوْليانِ له حتَّى فَرَغَ مِن لِحْيَتِهِ، وأدْرَتْ جانِبَهُ الأيْمنَ مِن لِمَّتِهِ، ثُمَّ ولَّاها جانبَهُ الأيْسَرَ حتَّى إذا فَرَغَ أقْبَلَ إلى عُمَرَ بوَجْهِهِ، فقالَ: ما حاجَةُ أميرِ المؤمنينَ؟ فقالَ عُمَرُ: يا أُبَيُّ، على ما تُنيطُ النَّاسَ؟ فقالَ أُبَيٌّ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنِّي تلقَّيْتُ القرآنَ مِن تِلْقاءِ جِبريلَ وهو رَطْبٌ، فقالَ عُمَرُ: تاللهِ ما أنتَ بمُنْتهٍ، وما أنا بصابِرٍ! ثلاثَ مرَّاتٍ، ثُمَّ قامَ فانطلَقَ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح الإسناد
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الحاكم | المصدر : المستدرك على الصحيحين | الصفحة أو الرقم : 2930
التصنيف الموضوعي: قرآن - تعلم القرآن وتعليمه قرآن - عرض القرآن قرآن - نزول القرآن على سبعة أحرف إيمان - الملائكة قرآن - قراءة الماشي
| أحاديث مشابهة
نَزَلَ القُرآنُ على النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على سَبعةِ أحرُفٍ؛ وذلك تخفيفًا وتسهيلًا على الأُمَّةِ في قِراءَتِه، وقدِ اختَلَف العُلَماءُ في بَيانِ ومَعنى هذه الأحرُفِ السَّبعةِ، ولَكِن كُلُّها مُتَقارِبةٌ في المَعنى، وإنَّما الاختِلافُ في اللَّفظِ، وقد كان بَعضُ الصَّحابةِ يَقرَأُ بقِراءةٍ غَيرِ قِراءةِ الآخَرِ على ما سَمِعَها مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ ابنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّه بَينَما كان يَقرَأُ آيةً مِن كِتابِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وهو يَمشي في طَريقٍ مِن طُرُقِ المَدينةِ، فإذا هو برجُلٍ يُناديه مِن خَلفِه: اتْبَعِ ابنَ عبَّاسٍ، أي: أسنِدْ قِراءَتَك هذه عَمَّن أخَذتَها، فالتَفتَ ابنُ عبَّاسٍ فإذا الرَّجُلُ الذي يُناديه هو أميرُ المُؤمِنينَ عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، فقال ابنُ عبَّاسٍ لعُمَرَ: أتبَعُك على أُبيِّ بنِ كَعبٍ؟ أي: هَل تُريدُني أن أقرَأَ على قِراءَتِك وأترُكَ قِراءةَ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، وكَأنَّه يَستَنكِرُ عليه تَركَ قِراءةِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، فهو مِن قُرَّاءِ الصَّحابةِ، ومِمَّن أمَرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بقِراءةِ القُرآنِ على قِراءَتِهم. فعِندَ ذلك قال عُمَرُ: أهو أقرَأَكها كَما سَمِعتُك تَقرَأُ؟ أي: هَل أقرَأك أُبَيٌّ هذه الآيةَ على نَحوِ ما سَمِعتُه مِنك. فقال ابنُ عبَّاسٍ: نَعَم. فأرسَل عُمَرُ مَعَ ابنِ عبَّاسٍ رَسولًا، أي: شَخصًا، وقال له: اذهَبْ مَعَ ابنِ عبَّاسٍ إلى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، فانظُرْ أيَقرَأُ أُبَيٌّ كذلك؟ أي: اذهَبْ وتَأكَّدْ مِن صِحَّةِ قَولِ ابنِ عبَّاسٍ: هَل يَقرَأُ أُبَيٌّ كذلك. فانطَلقَ ابنُ عبَّاسٍ هو والشَّخصُ الذي أرسَله عُمَرُ إلى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ رَضِيَ اللهُ عنه، فلمَّا وصَلا إلى أُبَيٍّ، قال ابنُ عبَّاسٍ له: يا أُبَيُّ، قَرَأتُ آيةً مِن كِتابِ اللهِ، فنادَاني مِن خَلفي عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ وقال: اتْبَعِ ابنَ عبَّاسٍ. فقُلت له: أتبَعُك على أُبَيِّ بنِ كَعبٍ؟ أي: أنَّني أخبَرتُه أنَّك تَقرَأُ هَكَذا. فأرسَل عُمَرُ مَعي رَسولَه، حتَّى يَتَأكَّدَ مِن ذلك، أفأنتَ أقرَأتَنيها كَما قَرَأتُ؟ أي: فهَل أنتَ أقرَأتَني كَما قَرَأتُها. فقال أُبَيٌّ: نَعَمْ. فرَجَعَ الرَّسولُ إلى عُمَرَ وأخبَرَه بذلك، يَقولُ ابنُ عبَّاسٍ: فانطَلقتُ أنا إلى حاجَتي، أي: أقبَلتُ على شُؤوني، ثُمَّ إنَّ عُمَرَ راحَ، أي: ذَهَبَ إلى أُبَيِّ بنِ كَعبٍ، فوجَدَه قد فرَغَ مِن غَسلِ رَأسِه، ووليدَتُه، أي: جاريَتُه تَدَّري لحيَتَه بمِدراها. المِدرَى: شَيءٌ يُعمَلُ مِن حَديدٍ أو خَشَبٍ على شَكلِ سِنٍّ مِن أسنانِ المُشطِ وأطولُ مِنه، يُسرَّحُ به الشَّعرُ المُتَلبِّدُ، ويَستَعمِلُه مَن لا مُشطَ له، والمَعنى: أنَّها تُسَرِّحُ لحيَتَه بهذه المِدراةِ. فقال أُبَيٌّ: مَرحَبًا يا أميرَ المُؤمِنينَ، أي: رَحَّبَ به، ثُمَّ سَأله أزائِرًا جِئتَ أم طالبَ حاجةٍ؟ أي: هَل إتيانُك لنا زيارةٌ أم تُريدُ مِنَّا حاجةً. فقال عُمَرُ: بَل طالِبُ حاجةٍ. فجَلسَ عُمَرُ ومَعَه مَولَيانِ له، حتَّى فرَغَ أُبَيٌّ مِن لحيَتِه، وأدْرَتْ جانِبَه الأيمَنَ مِن لِمَّتِه، أي: سَرَّحَتْ جانِبَه الأيمَنَ مِن شَعرِه، واللِّمَّةُ مِن شَعرِ الرَّأسِ: دونَ الجُمَّةِ، سُمِّيَت بذلك لأنَّها ألمَّت بالمَنكِبَينِ، ثُمَّ ولَّاها جانِبَه الأيسَرَ، أي: أعطى الجاريةَ شِقَّه الأيسَرَ حتَّى تُسَرِّحَه، حتَّى إذا فرَغَ، أي: انتَهى مِن تَسريحِ اللِّحيةِ، أقبَل إلى عُمَرَ بوَجهِه، أي: تَوجَّه واستَقبَل عُمَرَ بوَجهِه، وقال له: ما حاجةُ أميرِ المُؤمِنينَ؟ فقال عُمَرُ: يا أُبَيُّ، على ما تُنيطُ النَّاسَ؟ أي: تُعَلِّقُهم بهذه القِراءةِ التي تَقرَأُ بها. وفي رِوايةٍ أنَّه قال له: على ما تُقَنِّطُ النَّاسَ؟ وكَأنَّها آيةٌ فيها شِدَّةٌ، فقال أُبَيٌّ: يا أميرَ المُؤمِنينَ، إنِّي تَلقَّيتُ القُرآنَ مِن تِلقاءِ جِبريلَ وهو رَطبٌ، أي: أنَّ قِراءَتي هذه تَلقَّيتُها مِن عِندِ جِبريلَ ساعةَ نَزَل بها على رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُباشَرةً، وهيَ رَطبةٌ، أي: حَديثةُ النُّزولِ مِن عِندِ جِبريلَ؛ فلذلك أقرَأُ بها. فقال عُمَرُ: تاللَّهِ ما أنتَ بمُنتَهٍ، أي: أنَّك لن تَنتَهيَ عن تَركِ هذه القِراءةِ ما دُمتَ تَلقَّيتَها مِن تِلقاءِ جِبريلَ رَطبةً، وما أنا بصابرٍ! أي: وأنا لا أصبرُ عنِ الزَّجرِ والإنكارِ على مَن يَقرَأُ بقِراءَتِك؛ لكَوني لم أسمَعْ هذه القِراءةَ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، أي: كَرَّرَ عُمَرُ قَولَه: ما أنتَ بمُنتَهٍ، وما أنا بصابرٍ، ثَلاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قامَ فانطَلقَ، أي: تَرَك أُبَيَّ بنَ كَعبٍ وخَرَجَ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ القُرآنَ نَزَل بعِدَّةِ أحرُفٍ.
وفيه مَشروعيَّةُ التَّثَبُّتِ في الأخبارِ.
وفيه بَيانُ اختِلافِ قِراءةِ أُبَيِّ بنِ كَعبٍ عن قِراءةِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنهما.
وفيه أدَبُ أُبَيٍّ مَعَ عُمَرَ.
وفيه إقرارُ عُمَرَ لأُبَيٍّ على قِراءَتِه وعَدَمُ الإنكارِ عليه .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها