الموسوعة الحديثية


- أنَّ عمرَ بنَ الخطابِ أخذ أربعمئةِ دينارٍ ، فجعلها في صُرَّةٍ ، فقال للغلامِ : اذهب بها إلى أبي عبيدةَ بنِ الجراحِ ، ثم تَلَّهُ في البيتِ ساعةً ؛ تنظرُ ما يصنعُ ؟ فذهب بها الغلامُ إليه ، فقال : يقول لك أميرُ المؤمنينَ : اجعل هذه في بعضِ حاجتِك . فقال : وَصَلَه اللهُ ورَحِمَه ، ثم قال : تعالي يا جاريةُ ! اذهبي بهذه السبعةِ إلى فلانٍ ، وبهذه الخمسةِ إلى فلانٍ ، وبهذه الخمسةِ إلى فلانٍ ، حتى أنفذَها ، ورجع الغلامُ إلى عمرَ ، فأخبرَه ، فوجدَه قد أعدَّ مثلَها لمعاذِ بنِ جبلٍ ، فقال : اذهب بها إلى معاذِ بنِ جبلٍ ، وتَلَّهُ في البيتِ ساعةً حتى تنظرَ ما يصنعُ ؟ فذهب بها إليه ، فقال : يقول لك أميرُ المؤمنين : اجعل هذه في بعضِ حاجتِك ، فقال رحمَهُ اللهُ ووصلَه ، تعالي يا جاريةُ ! اذهبي إلى بيتِ فلانٍ بكذا ، اذهبي إلى بيتِ فلانٍ بكذا ، اذهبي إلى بيتِ فلانٍ بكذا ، فاطَّلعتِ امرأةُ معاذٍ وقالت : نحنُ واللهِ مساكينٌ ؛ فأعطنا ، فلم يبقَ في الخِرقةِ إلا دينارانِ ، فدَحَى بهما إليها ، ورجع الغلامُ إلى عمرَ فأخبرَه ، فسُرَّ بذلك ، فقال : إنهم إخوةٌ ، بعضُهم من بعضٍ
خلاصة حكم المحدث : حسن موقوف
الراوي : مالك الدار مولى عمر | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترغيب | الصفحة أو الرقم : 926
| التخريج : أخرجه أحمد في ((الزهد)) (1562)، وابن المبارك في ((الزهد)) (511)، والطبراني في ((المعجم الكبير)) (20/ 33) (46) واللفظ لهم.
التصنيف الموضوعي: مناقب وفضائل - أبو عبيدة بن الجراح مناقب وفضائل - فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مناقب وفضائل - معاذ بن جبل نفقة - النفقة على الأهل هبة وهدية - شكر المعروف
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
جيلُ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم أفضَلُ الأجيالِ في هذه الأُمَّةِ، وقد تَمَيَّزوا بصِفاتٍ عَظيمةٍ؛ مِن زُهدِهم في الدُّنيا وحُبِّهم للآخِرةِ، وكَثرةِ إنفاقِهم وجودِهم بما عِندَهم في وُجوهِ الخَيرِ والإحسانِ، والنَّماذِجُ كَثيرةٌ، ومِن ذلك أنَّ عُمَرَ بنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه أخَذَ أربعَمئةِ دينارٍ، أي: مِن بَيتِ المالِ، وجَعَلها في صُرَّةٍ، وهيَ ما يُجمَعُ فيه الشَّيءُ ويُشَدُّ عليه كالكيسِ، ثُمَّ قال لغُلامِه، أي: خادِمِه أو عَبدِه: اذهَبْ بهذه الصُّرَّةِ إلى أبي عُبَيدةَ بنِ الجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عنه وأعطِه إيَّاها، ثُمَّ تَلَهَّ في البَيتِ ساعةً، أي: تَشاغَلْ وتَأخَّرْ في بَيتِ أبي عُبَيدةَ وقتًا يَسيرًا حتَّى تَنظُرَ ماذا سَيَصنَعُ أبو عُبَيدةَ بالمالِ. فذَهَبَ الغُلامُ بالمالِ إلى أبي عُبَيدةَ وقال له: يَقولُ لك أميرُ المُؤمِنينَ: اجعَلْ هذا المالَ في بَعضِ حاجَتِك، أي: خُذْه لك تَتَصَرَّفُ فيه في حَوائِجِك وما تَحتاجُه لك ولأهلِك وشُؤونِك. فقال أبو عُبَيدةَ: وصَله اللهُ ورَحِمَه، أي: دَعا لأميرِ المُؤمِنينَ بأن يَصِلَه اللهُ بالخَيرِ والفَضلِ والإحسانِ، ودَعا له بالرَّحمةِ. ثُمَّ قَسَّمَ أبو عُبَيدةَ المالَ الذي بَعَثَه له عُمَرُ إلى أقسامٍ، ثُمَّ نادى جاريةً له وقال لها: تَعالَي يا جاريةُ، اذهَبي بهذه السَّبعةِ إلى فُلانٍ، أي: هذه السَّبعةُ الدَّنانيرِ أعطِها الشَّخصَ الفُلانيَّ، وهذه الخَمسةُ إلى فُلانٍ، وهذه الخَمسةُ إلى فُلانٍ، وهَكَذا ظَلَّ يُقَسِّمُ المالَ حتَّى أنفَذَها، أي: وزَّعَها كُلَّها! فرَجَعَ غُلامُ عُمَرَ إلى عُمَرَ وأخبَرَه بما رَأى مِن أبي عُبَيدةَ، فوجَدَ الغُلامُ أنَّ عُمَرَ قد أعَدَّ مِثلَها لمُعاذِ بنِ جَبَلٍ، أي: جَهَّزَ صُرَّةً فيها أربعَمئةِ دينارٍ لمُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وقال للغُلامِ: اذهَبْ بهذه الصُّرَّةِ إلى مُعاذِ بنِ جَبَلٍ، وتَلَهَّ في البَيتِ ساعةً، أي: تَشاغَلْ، حتَّى تَنظُرَ ما يَصنَعُ؟ أي: اصنَعْ مِثلَما صَنَعتَ مَعَ أبي عُبَيدةَ، فذَهَبَ الغُلامُ إلى مُعاذٍ، وقال له: يَقولُ لك أميرُ المُؤمِنينَ: اجعَلْ هذه في بَعضِ حاجَتِك، أي: خُذْه لك تَتَصَرَّفُ فيه في حَوائِجِك وما تَحتاجُه لك ولأهلِك وشُؤونِك. فقال مُعاذٌ: رَحِمَه اللهُ ووصَله، أي: دَعا لأميرِ المُؤمِنينَ بأن يَصِلَه اللهُ بالخَيرِ والفَضلِ والإحسانِ، ودَعا له بالرَّحمةِ. ثُمَّ قَسَّمَ مُعاذٌ المالَ الذي بَعَثَه له عُمَرُ إلى أقسامٍ، ثُمَّ نادى جاريةً له وقال لها: تَعالَي يا جاريةُ، اذهَبي إلى بَيتِ فُلانٍ بكَذا، اذهَبي إلى بَيتِ فُلانٍ بكَذا، اذهَبي إلى بَيتِ فُلانٍ بكَذا، أي: وزَّعَ وقَسَّمَ المالَ الذي عِندَه للنَّاسِ كَما فعَل أبو عُبَيدةَ، فاطَّلعَتِ امرَأةُ مُعاذٍ، أي: أطَلَّت على مُعاذٍ وهو يوزِّعُ المالَ، وقالت: نَحنُ واللَّهِ مَساكينُ فأعطِنا، أي: نَحنُ كذلك مِمَّن يَستَحِقُّ العَطاءَ فأبقِ لنا شَيئًا مِن هذا المالِ، فنَحنُ في حاجةٍ له! فلم يَبقَ في الخِرقةِ، أي: الصُّرَّةِ، إلَّا دينارانِ، فدَحى بهما إليها، أي: رَمى مُعاذٌ بالدِّينارَينِ لامرَأتِه. فرَجَعَ الغُلامُ إلى عُمَرَ وأخبَرَه بما رَأى مِن فِعلِ مُعاذٍ وأنَّه نَفسُ صَنيعِ أبي عُبَيدةَ، ففَرِح عُمَرُ بهذا الفِعلِ مِن أبي عُبَيدةَ ومُعاذٍ وسَرَّه ذلك وقال: إنَّهم إخوةٌ، بَعضُهم مِن بَعضٍ، أي: أنَّ تَشابُهَ فِعلِهم هذا إنَّما لكَونِهم إخوةً بَعضُهم مِن بَعضٍ في الإيمانِ ومَحَبَّةِ الخَيرِ والإنفاقِ، والزُّهدِ في الدُّنيا، والرَّغبةِ في ثَوابِ الآخِرةِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ إعطاءِ الأميرِ بَعضَ رَعيَّتِه مِنَ المالِ ولو كان كَثيرًا.
وفيه مَشروعيَّةُ الإنفاقِ في وُجوهِ الخَيرِ.
وفيه بَيانُ فَضلِ أبي عُبَيدةَ ومُعاذٍ، وما كانوا عليه مِنَ الإنفاقِ والجودِ.
وفيه مَشروعيَّةُ اختِبارِ الإمامِ لأُمَرائِه.
وفيه دُعاءُ الشَّخصِ لمَن أعطاه مالًا.
وفيه فضلُ أصحابِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها