الموسوعة الحديثية


- أنَّ رسولَ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ – خرجَ ذاتَ يومٍ على راحلتِهِ ، وأصحابَهُ معهُ بينَ يديهِ فقالَ معاذُ بنُ جبلٍ : يا نبيَ اللهِ أتأذنُ لي في أنْ أتقدمَ إليكَ على طيبةِ نفسٍ ؟ قال : نعمْ فاقتربَ معاذٌ إليهِ فسارا جميعًا فقال معاذٌ : بأبي أنتَ يا رسولَ اللهِ – أسألُ اللهَ أنْ يجعلَ يومَنَا قبلَ يومِكَ . أرأيتَ إنْ كانَ شيءٌ ولا نرى شيئًا ، إنْ شاءَ اللهُ تعالى ، فأيُّ الأعمالِ نعملُها بعدَكَ ؟ فصمتَ رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ – فقالَ : الجهادُ في سبيلِ اللهِ ثمَّ قالَ رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ – : نعمَ الشيءُ الجهادُ والذي بالناسِ أملكُ منْ ذلكَ فالصيامُ والصدقةُ قال : نعمَ الشيءُ الصيامُ والصدقةُ فذكرَ معاذٌ كلَّ خيرٍ يعملُهُ ابنُ آدمَ فقالَ رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ – وعادَ بالناسِ خيرٌ منْ ذلكَ قالَ : فماذا بأبِي أنتَ وأمِي عادَ بالناسِ خيرٌ من ذلكَ ؟ قال : فأشارَ رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ –إلى فيهِ قالَ : الصمتُ إلا منْ خيرٍ قالَ : وهلْ نؤاخذُ بما تَكَلَمَتْ بهِ ألسنتُنُا ؟ فضربَ رسولُ اللهِ – صلى اللهُ عليهِ وعلى آلهِ وسلمَ – فخذَ معاذٍ ثمَّ قالَ : يا معاذُ ثكلتكَ أمُّكُ ، أو ما شاءَ اللهُ أنْ يقولَ لهُ منْ ذلكَ – وهلْ يَكبُّ الناسَ على مناخرِهمْ في جهنمَ إلا ما نطقتْ بهِ ألسنتُهم ، فمنْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ فليقلْ خيرًا أوْ ليسكتْ عنْ شرٍ قولوا خيرًا تغنَمُوا ، واسكتُوا عن شرٍّ تسلَمُوا .
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عبادة بن الصامت | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 538
التصنيف الموضوعي: آداب الكلام - الصمت وقلة الكلام جهاد - فضل الجهاد صدقة - فضل الصدقة والحث عليها صيام - فضل الصيام علم - أدب طالب العلم
| أحاديث مشابهة
كان الصَّحابةُ رَضيَ اللهُ عنهم يُحِبُّونَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُبًّا شديدًا، وكانوا يَحرِصونَ على مُجالَسَتِه لِما يَرجونَ مِن بَرَكةِ تلك المَجالسِ مَعَه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِن شِدَّةِ حُبِّهم له صلَّى اللهُ عليه وسلَّم كان الواحِدُ يَتَمَنَّى أن يَموتَ قَبلَ أن يَموتَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، يَستَصعِبونَ الحَياةَ بَعدَه، ولَكِنْ لَمَّا كان المَوتُ حَقًّا على كُلِّ النَّاسِ ولا أحَدَ يَدري وقتَ أجلِه، فرُبَّما ماتَ الرَّسولُ قَبلَهم، حَرَصوا على أن يَسألوه عَنِ الأعمالِ التي تَنفعُهم بَعدَ مَوتِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومِن أمثِلةِ تلك المَواقِفِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَرَجَ ذاتَ يَومٍ على راحِلَتِه، أي: ناقَتِه، وأصحابُه مَعَه بَينَ يَدَيه، أي: حَولَه، فقال مُعاذُ بنُ جَبَلٍ رَضيَ اللهُ عنه: يا نَبيَّ اللهِ أتَأذَنُ لي في أن أتَقدَّمَ إليك على طِيبةٍ نَفسٍ؟ أي: إذا سَمَحَت نَفسُك فأْذَنْ لي أن أقرَبَ مِنك حَتَّى أسيرَ مَعَك بقُربِك، فقال رَسولُ اللهِ: نَعَم. فاقتَرَبَ مُعاذٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فسارا جَميعًا. فقال مُعاذٌ: بأبي أنتَ يا رَسولَ اللهِ، أي: أفديك بأبي، أسألُ اللَّهَ أن يَجعَلَ يَومَنا، أي: مَوتَنا، قَبلَ يَومِك، أي: مَوتِك، أرَأيتَ إن كان شَيءٌ، ولا نَرى شَيئًا إن شاءَ اللهُ تعالى، يَقصِدُ أنَّه إذا قُدِّرَ يا رَسولَ اللهِ أنَّك مُتَّ قَبْلَنا، وإن شاءَ اللهُ لا نَرى ذلك اليَومَ بحَيثُ نَموتُ قَبلَك، فأيُّ الأعمالِ نَعمَلُها بَعدَك؟ أي: بَعدَ مَوتِك. فصَمَتَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال مُعاذٌ: الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ؟ أي: هَل أفضَلُ الأعمالِ الجِهادُ في سَبيلِ اللهِ؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: نِعمَ الشَّيءُ الجِهادُ، والذي بالنَّاسِ أملَكُ مِن ذلك، أي: أنَّ الجِهادَ في سَبيلِ اللهِ له فَضلٌ عَظيمٌ، ولَكِنَّ هناكَ ما هو أفضَلُ! فقال مُعاذٌ: فالصِّيامُ والصَّدَقةُ. فقال رَسولُ اللهِ: نِعمَ الشَّيءُ الصِّيامُ والصَّدَقةُ، وعاد بالنَّاسِ أملَكُ مِن ذلك، أي: أنَّ الصِّيامَ والصَّدَقةَ خَيرٌ، ولَكِنَّ هناكَ ما هو أفضَلُ مِن ذلك، حَتَّى ذَكَرَ مُعاذٌ كُلَّ خَيرٍ يَعمَلُه ابنُ آدَمَ، ورَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَقولُ له: وعادَ بالنَّاسِ خَيرٌ مِن ذلك. فعِندَ ذلك قال مُعاذٌ: فماذا بأبي أنتَ وأُمِّي عادَ بالنَّاسِ خَيرٌ مِن ذلك؟ أي: ما الشَّيءُ الذي يَفضُلُ جَميعَ ما سَبَقَ، فأشارَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى فيه، أي: فَمِه، وقال: الصَّمتُ إلَّا مِن خَيرٍ، أي: أفضَلُ مِن كُلِّ ما سَبَقَ أن يَحفظَ المَرءُ لسانَه ولا يَتَكَلَّمَ إلَّا بخَيرٍ. فقال مُعاذٌ: وهَل نُؤاخَذُ بما تَكَلَّمَت به ألسِنَتُنا؟ أي: هَل نَحنُ مُحاسَبونَ على أقوالِنا، وهذا استِفهامُ استِثباتٍ وتَعَجُّبٍ واستِغرابٍ يَدُلُّ على أنَّ مُعاذًا لم يَكُنْ يَعلمُ ذلك. فضَرَبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فَخِذَ مُعاذٍ، ثُمَّ قال: يا مُعاذُ ثَكِلَتك أُمُّك، أي: فَقَدَتك أُمُّك، والثُّكلُ: فَقدُ الوَلَدِ، وهذا مِمَّا غَلبَ جَرَيانُه على ألسِنَتِهم في المُحاوراتِ؛ للتَّحريضِ على الشَّيءِ والتَّهييجِ إليه مِن غَيرِ إرادةِ حَقيقةِ مَعناه مِنَ الدُّعاءِ على المُخاطَب بمَوتِه، أو ما شاءَ اللهُ أن يَقولَ له مِن ذلك، أي: أو نَحوَ ذلك مِنَ الكَلِماتِ، وهَل يَكُبُّ، أي: يَقلِبُ، النَّاسَ ويُلقيهم على مناخِرِهم، أي: أُنوفِهم، في جَهَنَّمَ إلَّا ما نَطَقَت به ألسِنَتُهم، أي: أنَّ أكثَرَ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ هو بسَبَبِ اللِّسانِ، كالكُفرِ والقَذفِ والسَّبِّ والنَّميمةِ والغِيبةِ ونَحوِ ذلك، ولأنَّ الأعمالَ يُقارِنُها الكَلامُ غالبًا فله حِصَّةٌ في سَبَبيَّةِ الجَزاءِ ثَوابًا وعِقابًا، فمَن كان يُؤمِنُ باللهِ واليَومِ الآخِرِ فليَقُلْ خَيرًا أو ليَسكُتْ عن شَرٍّ، أي: ليَكُنْ كَلامُه في الخَيرِ مِن ذِكرِ اللهِ أو أمرٍ بمَعروفٍ ونَهيٍ عن مُنكَرٍ أو نَحوِ ذلك، ويَسكُت عنِ الشَّرِّ وكُلِّ ما هو قَبيحٌ وسَيِّئٌ، ثُمَّ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: قولوا خَيرًا تَغنَموا، أي: عليكُم بقَولِ الخَيرِ تَربَحوا وتَفوزوا بالأجرِ والحَسَناتِ، واسكُتوا عن شَرٍّ تَسلَموا، أي: امتَنِعوا مِن قَولِ الشَّرِّ تَسلَموا مِن عَواقِبِ الشَّرِّ، ومِنَ الذَّنبِ والإثمِ الذي يَلحَقُ مَن نَطَق بالشَّرِّ.
وفي الحَديثِ بَيانُ حُبِّ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه حِرصُ الصَّحابةِ رَضِيَ اللهُ عنهم على سُؤالِ الرَسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ما يَنفعُهم.
وفيه أدَبُ الصَّحابةِ مَعَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه فَضلُ مُعاذٍ رَضِيَ اللهُ عنه.
وفيه فَضلُ الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ.
وفيه بَيانُ أنَّ أكثَرَ ما يُدخِلُ النَّاسَ النَّارَ النُّطقُ بألسِنَتِهم.
وفيه أهَمِّيَّةُ حِفظِ اللِّسانِ إلَّا مِن خَيرٍ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها