الموسوعة الحديثية


- عن أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه، قال: أُوتِيتُ وأنا باليمنِ بامرأةٍ حُبلى، فسألتُها، فقالتْ: ما تسألُ عَنِ امرأةٍ حُبلى ثَيِّبٍ مِن غيرِ بَعْلٍ؟! أَمَا واللهِ ما خاللتُ خليلًا، ولا خادَنْتُ خِدْنًا مُذْ أسلمتُ، ولكنِّي بينَما أنا نائمةٌ بفِناءِ بيتي، فواللهِ ما أيقظني إلَّا الرجُلُ حينَ ركِبَني، وألقى في بطني مِثلَ الشهابِ، فقال: فكتبتُ فيها إلى عمرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، فكتب إليَّ أنْ وافِني بها وبناسٍ من قومِها؛ فوافَيْتُه بها في المَوْسِمِ، فسأل عنها قومَها، فأثنَوْا خيرًا، وسألها فأخبرتْه كما أخبرَتْني، فقال عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه: شابَّةٌ تِهاميَّةٌ تنوَّمَتْ، قد كان ذلك يُفعَلُ؛ فمَارَها عُمرُ رَضِيَ اللهُ عنه وكَسَاها، وأوصى بها قومَها خيرًا.
خلاصة حكم المحدث : في غاية الصحة
الراوي : كليب الجهني | المحدث : ابن حزم | المصدر : المحلى | الصفحة أو الرقم : 8/252
| التخريج : أخرجه ابن أبي شيبة (29092)، وصدقة الضبي في ((أخبار القضاة)) (1/ 101) باختلاف يسير.
التصنيف الموضوعي: أقضية وأحكام - رفع الخطأ والنسيان والإكراه عن المسلمين حدود - درء الحدود حدود - المستكره
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
اشتَمَلتِ الشَّريعةُ الإسلاميَّةُ على كُلِّ ما يَحتاجُه المُسلمُ في أمرِ دينِه ودُنياه، فهذه الشَّريعةُ فيها أحكامُ العَقائِدِ، وأحكامُ العِباداتِ، وأحكامُ المُعامَلاتِ، والجِناياتِ والعُقوباتِ، ومِنَ الأحكامِ المُتَعَلِّقةِ بالعُقوباتِ: أنَّ الحُدودَ تُدرَأُ وتُدفَعُ بالشُّبُهاتِ، ولا يُقامُ الحَدُّ بمُجَرَّدِ الشُّبهةِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو موسى الأشعَريُّ رَضِيَ اللهُ عنه، وقد كان واليًا على اليَمَنِ، فيَقولُ: أوتيتُ وأنا باليَمَنِ بامرَأةٍ حُبلى، أي: أتَوا إليه بامرَأةٍ قد حَمَلت وليسَ لها زَوجٌ؛ حتَّى يُقيمَ عليها الحَدَّ. فسَألها أبو موسى عن هذا الحَملِ كَيف حَصَل، فقالت له المَرأةُ: ما تَسألُ عنِ امرَأةٍ حُبلى ثَيِّبٍ مِن غَيرِ بَعلٍ؟! أي: كَيف تَسألُني عن هذا الحَملِ، وأنتَ تَرى أنِّي امرَأةٌ ثَيِّبٌ وليسَ لي زَوجٌ، فكَأنَّها تَقولُ: إنَّ هذا أمرٌ واضِحٌ، وإنَّه من زِنًا، ولا يَحتاجُ للسُّؤالِ عنه، والمَعنى: أنَّها لو قالت بحَقيقةِ الأمرِ لن يُصَدِّقَها أحَدٌ. ثُمَّ إنَّها قالت: أمَا واللَّهِ ما خالَلتُ خَليلًا، أي: ما صاحَبتُ رَجُلًا، ولا خادَنتُ خَدَنًا، أي: ولا اتَّخَذتُ صَديقًا، مُذ أسلمَتُ، ولكِنِّي بَينَما أنا نائِمةٌ بفِناءِ بَيتي. والفِناءُ: هو المَكانُ المُتَّسِعُ أمامَ الدَّارِ، أي: عِندَما كُنتُ نائِمةً في هذا الفناءِ، فواللهِ ما أيقَظَني مِن نَومي إلَّا الرَّجُلُ حينَ رَكِبَني، أي: جامَعَها، وألقى في بَطني مِثلَ الشِّهابِ، أي: قَذَف في بَطنِها المَنيَّ كَأنَّه مِثلُ رَميٍ الشِّهابِ، فعِندَ ذلك شَعَرتُ به، ثُمَّ قامَ عنها الرَّجُلُ وانصَرَف، وفي رِوايةٍ أُخرى: أنَّها قالت: ثُمَّ نَظَرتُ إليه، أي: الرَّجُلِ، مُقَفًّى، ما أدري مَن هو مِن خَلقِ اللهِ! والمَعنى: أنَّها لم تَشعُرْ بالرَّجُلِ عِندَما جامَعَها مِن شِدَّةِ نَومِها. فعِندَ ذلك تَوقَّف أبو موسى في أمرِ هذه المَرأةِ، وكَتَب فيها إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه يَطلُبُ مِنه ماذا يَفعَلُ في هذه المَرأةِ، فكَتَب عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ إلى أبي موسى أن وافِني بها وبناسٍ مِن قَومِها، أي: اجعَلْ هذه المَرأةَ وجَماعةً مِن قَومِها يَقدَمونَ عَلَيَّ، يَقولُ أبو موسى: فوافيتُه بها في المَوسِمِ، أي: أتى أبو موسى بهذه المَرأةِ في المَوسِمِ، أي: مَوسِمِ الحَجِّ، فسَأل عُمَرُ عنِ المَرأةِ قَومَها، أي: سَألهم عنها، وهَل هيَ مُستَقيمةٌ أم غَيرُ ذلك، فأثنَوا خَيرًا، أي: أثنى قَومُها عليها بالخَيرِ، وأنَّهم لم يَعرِفوا عنها الفسادَ، ثُمَّ سَأل عُمَرُ المَرأةَ عَمَّا حَصَل مِنها فأخبَرَته كَما أخبَرَت أبا موسى، فقال عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه: شابَّةٌ تِهاميَّةٌ. نِسبةً إلى تِهامةِ اليَمَنِ، تَنَوَّمَت، أي: تَغفَّلَها رَجُلٌ وهيَ نائِمةٌ ولم تَشعُرْ بذلك، فقد كان ذلك يُفعَلُ، أي: قد كان يَحصُلُ ويَقَعُ مِثلُ هذا الفِعلِ الذي ذَكَرَته هذه المَرأةُ، فلا نُقيمُ عليها الحَدَّ؛ لكَونِها غَيرَ مُختارةٍ، ولعَدَمِ شُعورِها بذلك، وقَبِل عُمَرُ إقرارَها بذلك وصَدَّقها، فمارَها عُمَرُ رضِيَ اللهُ عنه، أي: زَوَّدَها وأعطاها المِيرةَ، وهيَ الطَّعامُ، وكَساها، أي: أعطاها ثيابًا، وأوصى بها قَومَها خَيرًا، أي: أن يُحسِنوا إليها ويُكرِموها.
وفي الحَديثِ أنَّ الأميرَ قد تَخفى عليه بَعضُ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ.
وفيه مَشروعيَّةُ رَفعِ الأميرِ القَضايا التي لا يَعرِفُ حُكمَها إلى الإمامِ الأكبَرِ.
وفيه دَرءُ الحُدودِ بالشُّبُهاتِ.
وفيه سُقوطُ الحَدِّ إذا أبدى المُتَّهَمُ العُذرَ واقتَنَعَ الإمامُ.
وفيه مَشروعيَّةُ عَمَلِ الإمامِ أوِ القاضي بإقرارِ مَن عليه الحُكمُ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها