الموسوعة الحديثية


- أتيتُ أبا سعيدٍ الخُدْريَّ فسلَّمتُ ، فلم يُؤْذَنْ لي ، ثمَّ سلَّمتُ ، فلم يُؤْذَنْ لي ، ثمَّ سلَّمتُ ، فلَم يُؤْذَنْ لي ، ثمَّ سلَّمتُ الثالثةَ فرفعتُ صَوتي وقلتُ : السَّلامُ عليكُم يا أهلَ الدَّارِ ، فلم يُؤْذَنْ لي ، فتنحَّيتُ ناحيةً فقعدتُ ، فخرج إليَّ غلامٌ فقال : ادخُل ، فدخَلتُ ، فقال لي أبو سعيدٍ : أمَّا إنَّكَ لَو زِدتَ لَم يُؤْذَنْ لكَ . فسألتُه عن الأوعِيَةِ فلَم أسألْهُ عَن شيءٍ إلَّا قالَ : حرامٌ حتَّى سألتُه عن الجَفِّ ؟ فقال : حَرامٌ ، فقالَ مُحمَّدٌ : يُتَّخَذُ علَى رأسِه إِدَمٌ فيُوكَأُ
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو العلانية مسلم المرئي البصري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الأدب المفرد | الصفحة أو الرقم : 821
| التخريج : أخرجه البخاري في ((الأدب المفرد)) (1077)
التصنيف الموضوعي: أشربة - الانتباذ في ماذا يكون ما يحرم وما يباح أشربة - النبيذ استئذان - الرجوع إن لم يؤذن له استئذان - كم مرة يسلم وهو يستأذن أشربة - ما يحرم من الأشربة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
مِن مَحاسِنِ الآدابِ التي جاءَت بها الشَّريعةُ أدَبُ الاستِئذانِ عِندَ الدُّخولِ، بأن يَطلُبَ الدَّاخِلُ الإذنَ بالدُّخولِ، فيُشرَعُ لمَن جاءَ بَيتَ شَخصٍ أن يَستَأذِنَ قَبلَ الدُّخولِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ، فإن أذِنَ له وإلَّا انصَرَف. وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أبو العَلانيةِ، وهو أحَدُ التَّابِعينَ، أنَّه جاءَ إلى بَيتِ أبي سَعيدٍ الخُدريِّ رَضِيَ اللهُ عنه يُريدُ أن يَسألَه، يَقولُ أبو العَلانيةِ: فسَلَّمتُ، أي: عِندَما وصَل إلى بَيتِ أبي سَعيدٍ قال: السَّلامُ عليكُم، يُريدُ بذلك أن يُؤذَنَ له في الدُّخولِ، فلم يُؤذَنْ لي، أي: لم يُؤذَنْ له بالدُّخولِ، ولعَلَّهم لم يَسمَعوا سَلامَه؛ لكَونِه سَلَّمَ بصَوتٍ مُنخَفِضٍ، ثُمَّ سَلَّمتُ، أي: سَلَّم مَرَّةً ثانيةً، فلم يُؤذَنْ لي، أي: كَأنَّه لم يَسمَعْ أهلُ الدَّارِ السَّلامَ، ثُمَّ سَلَّمتُ الثَّالثةَ فرَفَعتُ صَوتي وقُلتُ: السَّلامُ عليكُم يا أهلَ الدَّارِ، فلم يُؤذَنْ لي، أي: في المَرَّةِ الثَّالثةِ سَلَّم ورَفع صَوتَه حتَّى يَسمَعوا، ولكِن لم يُؤذَنْ له بالدُّخولِ، فتَنَحَّيتُ ناحيةً فقَعَدتُ، أي: ابتَعَدَ عن وَجهِ بابِ البَيتِ وجَلسَ هناكَ يَنتَظِرُ أن يُؤذَنَ له، ولم يُعِدِ السَّلامَ والاستِئذانَ مَرَّةً رابعةً. يَقولُ: فخَرَجَ إليَّ غُلامٌ، أي: خادِمٌ لأبي سَعيدٍ، فقال: ادخُلْ، فدَخَلتُ، أي: سُمِحَ له بدُخولِ بَيتِ أبي سَعيدٍ، فدَخَل، فقال له أبو سَعيدٍ: أمَا إنَّك لو زِدتَ لم يُؤذَنْ لك! أي: إنَّك لو زِدتَ في السَّلامِ والاستِئذانِ على ثَلاثِ مَرَّاتٍ، فسَلَّمتَ رابعًا وخامِسًا لم نَأذَنْ لك؛ لأنَّ الزِّيادةَ على الثَّلاثِ خِلافُ السُّنَّةِ، ومَن خالف السُّنَّةَ وتَعَدَّى يَستَحِقُّ التَّأديبَ، يُريدُ أن يُخبرَه أنَّ أقصى الاستِئذانِ ثَلاثُ مَرَّاتٍ، فإن أُذِنَ للشَّخصِ بالدُّخولِ دَخَل، وإلَّا فليَنصَرِفْ، ولا يَزِدْ على ذلك، وإنَّما جُعِل ثَلاثَ مَرَّاتٍ؛ لأنَّه لعَلَّ أهلَ الدَّارِ لم يَسمَعوا في المَرَّةِ الأولى أوِ الثَّانية، أو أنَّهم سَمِعوا ولكِن لعَلَّهم يتهيَّؤون ويُصلِحونَ مِن شَأنِهم، فتَكونُ الثَّالثةُ النِّهايةَ في حَدِّ الإذنِ، وقيل: إنَّ الأُولى للتَّنبيهِ، والثَّانيةَ للتَّعريفِ، والثَّالثةَ ليَأذَنَ به ويَترُكَه، ومَن لم يَنتَبِهْ عِندَ الثَّالثةِ لا يَنتَبِهُ غالبًا. يَقولُ أبو العَلانيةِ: سَألتُ أبا سَعيدٍ عنِ الأوعيةِ. جَمعُ وِعاءٍ، وهيَ الآنيةُ، أي: سَأله عن حُكمِ الانتِباذِ في هذه الأوعيةِ، وكانوا يَنتَبِذونَ في هذه الأوعيةِ الزَّبيبَ والتَّمرَ والشَّعيرَ وغَيرَ ذلك، فيَحصُلُ في هذه الأواني إسكارٌ، وكُلُّ مُسكِرٍ حَرامٌ. فلم أسألْه عن شَيءٍ إلَّا قال: حَرامٌ، أي: كان يَستَفصِلُ في سُؤالِه بذِكرِ بَعضِ الأوعيةِ بأسمائِها يُعَيِّنُ له أوعيةً مُعَيَّنةً يَذكُرُها بأسمائِها، كُلَّما سَألتُه عن حُكمِ شَرابٍ في وِعاءٍ مُعَيَّنٍ يَقولُ: حَرامٌ، أي: يَحرُمُ الانتِباذُ فيها، وذلك لأنَّ هذه الأوعيةَ قد يَنقَلبُ الشَّرابُ فيها إلى خَمرٍ، فيَشرَبُه الشَّخصُ وهو لا يَدري أنَّه قد أصبَحَ خَمرًا. حتَّى سَألته عنِ الجُفِّ؟ وهو وِعاءٌ يُنقَرُ مِن جُذوعِ النَّخلِ، أي: ثُمَّ سَألتُه عنِ الشَّرابِ في وِعاءِ الجُفِّ. فقال أبو سَعيدٍ: حَرامٌ، أي: أنَّ الشَّرابَ الذي يَكونُ فيه حَرامٌ. ثُمَّ بَيَّنَ مُحَمَّدٌ -وهو ابنُ سِيرينَ، أحَدُ الرُّواةِ- مَعنى الجُفِّ المَسؤولِ عنه، فقال: يُتَّخَذُ على رَأسِه أدمٌ فيُوكَأُ، أي: أنَّ الجُفَّ هو عِبارةٌ عن وِعاءٍ يُجعَلُ غِطاؤُه مِن جِلدٍ ثُمَّ يُربَطُ. والمَقصودُ أنَّ الأوعيةَ التي يُسرِعُ فيها تخَمُّرُ النَّبيذِ يُحظَرُ استِعمالُها والانتِباذُ فيها، وكان هذا التَّحريمُ في بدايةِ الأمرِ، ثُمَّ جاءَ بَيانُ الإذنِ فيها ما لم تُسكِرْ، ولعَلَّ أبا سَعيدٍ لم يَبلُغْه نَسخُ ذلك، فذَهَبَ إلى تَحريمِها.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ الاستِئذانِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وفيه أنَّ مِن صُوَرِ الاستِئذانِ أن يُسَلِّمَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ.
وفيه مَشروعيَّةُ الانتِظارِ قَليلًا بَعدَ الاستِئذانِ في المَرَّةِ الثَّالثةِ ولا يَزيدُ.
وفيه تَعليمُ الطَّالِبِ بأحكامِ الاستِئذانِ.
وفيه حُرمةُ الشَّرابِ مِنَ الأوعيةِ التي يَحصُلُ مِنها الإسكارُ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها