الموسوعة الحديثية


- أنَّ رجلًا أتى عمرَ، فقال: امرأةٌ جاءَتْ تُبايِعُه، فأدخَلْتُها الدَّوْلَجَ، فأصبتُ منها ما دونَ الجِماعِ، فقال: وَيْحَكَ لعلَّها مُغيبٌ في سبيلِ اللهِ؟ قال: أجَلْ، قال: فائْتِ أبا بكرٍ، فاسأَلْه، قال: فأتاه فسأَلَه فقال: لعلَّها مُغيبٌ في سبيلِ اللهِ؟ قال: فقال مثلَ قولِ عمرَ، ثم أتى النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال له مثلَ ذلك، قال: فلعلَّها مُغيبٌ في سبيلِ اللهِ؟، ونزَلَ القرآنُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ...} [هود: 114] إلى آخِرِ الآيةِ، فقال: يا رسولَ اللهِ، ألِيَ خاصةً، أم للناسِ عامةً؟ فضرَبَ عمرُ صدرَه بيَدِه، فقال: لا، ولا نُعْمةَ عينٍ، بل للناسِ عامةً، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: صدَقَ عمرُ.
خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 2206
| التخريج : أخرجه أحمد (2206) واللفظ له، والحارث في ((المسند)) (715)، والطبراني (12/215) (12931)
التصنيف الموضوعي: توبة - قوله تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات حدود - من لا يجب عليه الحد تفسير آيات - سورة هود قرآن - أسباب النزول إحسان - الحسنات والسيئات
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
مِن الوَسائِلِ التي تُساعِدُ الإنسانَ على التَّوبةِ، مَعَ النَّدَمِ على الفِعلِ، والإقلاعِ التَّامِّ عن المَعاصي: الحِرصُ على مُضاعَفةِ الأعمالِ الصَّالحةِ وتَكثيرُها حتَّى تَغلِبَ على حَياتِه وقَلبِه، ومِن أعظَمِ هذه الوسائِلِ التي تُكَفِّرُ السَّيِّئاتِ: الصَّلاةُ. وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ رَجُلًا جاءَ إلى عُمَرَ بنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عنه، وأخبَرَه أنَّ امرَأةً جاءَت إليه تُبايِعُه، أي: تَشتَري مِنه، فأدخَلَها الدَّوْلَجَ، أي: المَخدَعَ، وهو البَيتُ الصَّغيرُ داخِلَ البَيتِ الكَبيرِ، ولعَلَّه خَدَعَها بأن يُريَها السِّلعةَ في هذا الدَّولَجِ، وهو يُريدُ مِنها المَعصيةَ؛ ففي رِوايةٍ: أنَّها جاءَت تَشتَري مِنه تَمرًا، فقال لها: إنَّ في البَيتِ تَمرًا أجوَدَ مِن هذا. يَقولُ الرَّجُلُ: فأصَبتُ مِنها ما دونَ الجِماعِ، أي: استَمتَعَ بها بالقُبلةِ والمُعانَقةِ وغَيرِهما مِن جَميعِ أنواعِ الاستِمتاعِ، إلَّا أنَّه لم يُجامِعْها. فقال له عُمَرُ: وَيحَكَ! وهيَ كَلِمةُ تَرَحُّمٍ وتَوجُّعٍ، تُقالُ لمَن وقَعَ في هَلكةٍ لا يَستَحِقُّها، لعَلَّها مُغيِبٌ في سَبيلِ اللهِ! المُغيبُ: هيَ مَن غابَ عنها زَوجُها، أي: لعَلَّ زَوجَها مُسافِرٌ في الغَزوِ والجِهادِ في سَبيلِ اللهِ! فقال الرَّجُلُ: أجَلْ، أي: نَعَمْ، زَوجُها خَرَجَ في الجِهادِ في سَبيلِ اللهِ! فقال له عُمَرُ: فأْتِ أبا بَكرٍ فاسأَلْه، أي: أنَّ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عنه لم يُجِبْه، وطَلب مِنه أن يَذهَبَ إلى أبي بَكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنه فيَسألَه. فذَهَبَ الرَّجُلُ إلى أبي بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عنه فسَأله. فقال له أبو بَكرٍ: لعَلَّها مُغيبٌ في سَبيلِ اللهِ! فقال له أبو بَكرٍ مِثلَ قَولِ عُمَرَ. ثُمَّ ذَهَبَ الرَّجُلُ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال له مِثلَ ذلك، أي: أخبَرَ بأنَّه أصابَ مِن امرَأةٍ كُلَّ شَيءٍ ما دونَ الجِماعِ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: فلعَلَّها مُغيبٌ في سَبيلِ اللهِ! ونَزَل القُرآنُ: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} أي: صَلِّ الصَّلواتِ التي تَكونُ في طَرَفي النَّهارِ، وهما الصُّبحُ والظُّهرُ والعَصرُ والمَغرِبُ، {وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} وهيَ صَلاةُ العِشاءِ؛ {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] أي: إنَّ الصَّلواتِ الخَمسَ وسائِرَ الطَّاعاتِ يُكَفِّرنَ السَّيِّئاتِ، وهيَ صَغائِرُ الذُّنوبِ، بخِلافِ الكَبائِرِ؛ فإنَّها تَحتاجُ إلى تَوبةٍ خاصَّةٍ مِنها. فقال الرَّجُلُ: يا رَسولَ اللهِ، ألي خاصَّةً، أم للنَّاسِ عامَّةً؟ أي: هَل هذا الحُكمُ خاصٌّ لي أم لكُلِّ النَّاسِ؟ فضَربَ عُمَرُ صَدرَه بيَدِه، أي: ضَرَبَ عُمَرُ على صَدرِ نَفسِه بيَدِه، وقال: لا، ولا نُعمةَ عَينٍ، أي: لا قُرَّةَ عَينٍ لك بأن تختَصَّ بك، ولا قُرَّةَ عَينٍ للنَّاسِ إن اختَصَّت بك، بَل للنَّاسِ عامَّةً، أي: هيَ عامَّةٌ لجَميعِ النَّاسِ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: صَدَق عُمَرُ، أي: أقَرَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَولَ عُمَرَ بأنَّ هذا الحُكمَ عامٌّ لكُلِّ النَّاسِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ سُؤالِ أهلِ العِلمِ عن كَيفيَّةِ التَّوبةِ مِن الذُّنوبِ.
وفيه إرشادُ العالمِ مَن جاءَ يَستَفتيه إلى مَن هو أعلمُ مِنه.
وفيه بَيانُ سَعةِ فَضلِ اللهِ على عِبادِه؛ حَيثُ جَعَل لهم الطَّاعاتِ تَكفيرًا للذُّنوبِ والمَعاصي .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها