الموسوعة الحديثية


- أَنشَأَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ غَزْوةً، فأَتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لي بالشَّهادةِ، فقالَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم»، قالَ: فسَلِمْنا وغَنِمْنا، قالَ: ثُمَّ أَنشَأَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ غَزْوًا ثانِيًا، فأَتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، ادْعُ اللهَ لي بالشَّهادةِ، فقالَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم»، قالَ: ثُمَّ أَنشَأَ غَزْوًا ثالِثًا، فأَتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أَتَيْتُك مَرَّتَينِ قَبْلَ مَرَّتي هذه فسَألْتُك أن تَدْعوَ اللهَ لي بالشَّهادةِ، فدَعَوْتَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُسَلِّمَنا ويُغَنِّمَنا، فسَلَّمَنا وغَنَّمَنا، يا رَسولَ اللهِ، فادْعُ اللهَ لي بالشَّهادةِ، فقالَ: «اللَّهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم»، قالَ: فسَلِمْنا وغَنِمْنا، ثُمَّ أَتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، مُرْني بعَمَلٍ، قالَ: «عليك بالصَّوْمِ؛ فإنَّه لامِثلَ له»، قالَ: فما رُئِيَ أبو أُمامةَ ولا امْرَأتُه ولا خادِمُه إلَّا صُيَّامًا قالَ: فكانَ إذا رُئِيَ في دارِهم دُخانٌ بالنَّهارِ قيلَ: اعْتَراهم ضَيْف، نَزَلَ بِهم نازِلٌ، قالَ: فلَبِثَ بِذلك ما شاءَ اللهُ، ثُمَّ أَتَيْتُه فقُلْتُ: يا رَسولَ اللهِ، أَمَرْتَنا بالصِّيامِ، فأَرْجو أن يكونَ قد بارَكَ اللهُ لنا فيه يا رَسولَ اللهِ، فمُرْني بعَمَلٍ آخَرَ، قالَ: «اعْلَمْ أنَّك لن تَسجُدَ للهِ سَجْدةً إلَّا رَفَعَ اللهُ لك بِها دَرَجةً، وحَطَّ عنك بِها خَطيئةً».
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 488
التصنيف الموضوعي: جهاد - فضل الجهاد فضائل النبي وصفته ودلائل النبوة - إجابة دعاء النبي اعتصام بالسنة - أوامر النبي ونواهيه وتقريراته جهاد - الدعاء للغزاة مناقب وفضائل - فضائل جمع من الصحابة والتابعين
| أحاديث مشابهة
كان الصَّحابةُ رَضِيَ اللهُ عنهم يَحرِصونَ على سُؤالِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَمَّا يُقَرِّبُهم إلى اللهِ تعالى مِنَ الأعمالِ حتَّى يَعمَلوها، فيوصيهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بما هو أنفعُ للسَّائِلِ، فكانت إجاباتُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم تَختَلفُ بحَسَبِ السَّائِلِ، وما هو أكثَرُ نَفعًا لكُلِّ واحِدٍ مِنهم؛ مِن صَلاةٍ أو صيامٍ أو غَيرِها مِنَ الأعمالِ، وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ أبو أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنشَأ غَزوةً، أي: جَهَّزَ جَيشًا ليَغزوَ في سَبيلِ اللهِ، وكان أبو أُمامةَ مِنَ الخارِجينَ في هذه الغَزوةِ، فجاءَ إلى رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، ادعُ اللَّهَ لي بالشَّهادةِ، أي: ادعُ لي أن يَرزُقَني اللهُ المَوتَ شَهيدًا في سَبيلِه، فأنالَ أجرَ الشُّهَداءِ، وأيضًا فإنَّ دَعوةَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُجابةٌ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اللهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم، أي: دَعا لهم أن يَعودوا سالِمينَ فلا يصابوا بسوءٍ، وغانمينَ، أي: مُنتَصِرينَ على عَدوِّهم ومَعَهم غَنائِمُ الحَربِ، وهيَ: ما يَأخُذُه المُقاتِلونَ مِن أموالِ أهلِ الحَربِ. فاستَجابَ اللهُ دُعاءَ نَبيِّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فعادوا سالمينَ غانمين. ثُمَّ تَكَرَّرَ الغَزوُ والخُروجُ في سَبيلِ اللهِ ثانيةً وثالثةً، وفي كُلِّ مَرَّةٍ يَسألُ أبو أُمامةَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم الدُّعاءَ له بالشَّهادةِ، وكان دُعاءُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم له بمِثلِ دُعائِه في الخُروجِ الأوَّلِ، وهو أن يَعودوا سالِمينَ غانِمين، يَقولُ أبو أُمامةَ: فسَلِمنا وغَنِمنا، أي: استَجابَ اللهُ لدُعاءِ نَبيِّه فانتَصَرنا وغَنِمنا. ثُمَّ أنشَأ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَزوًا ثانيًا، أي: أعَدَّ وجَهَّزَ غَزوةً أُخرى، فجاءَ أبو أُمامةَ مَرَّةً ثانيةً، وهذا مِن حِرصِه على الاستِشهادِ في سَبيلِ اللهِ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، ادعُ اللَّهَ لي بالشَّهادةِ، فقال رسولُ اللهِ: اللهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم. ولعَلَّ هذه الإجابةَ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم؛ لأنَّه يَعلمُ الخَيرَ له، وأنَّ العَمَلَ الصَّالحَ مَعَ النِّيَّةِ الصَّادِقةِ للهِ، يَرفعُ دَرَجةَ العَبدِ عِندَ اللهِ، ثُمَّ أنشَأ غَزوًا ثالثًا، أي: أعَدَّ وجَهَّزَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم غَزوةً ثالثةً، فجاءَ أبو أُمامةَ للمَرَّةِ الثَّالثةِ، فقال: يا رَسولَ اللهِ، إنِّي أتَيتُك مَرَّتَينِ قَبلَ مَرَّتَي هذه فسَألتُك أن تَدعوَ اللَّهَ لي بالشَّهادةِ، أي: طَلبتُ مِنك أن تَدعوَ لي بالشَّهادةِ فلم تَفعَلْ. ودَعَوتَ اللَّهَ عَزَّ وجَلَّ أن يُسَلِّمَنا ويُغَنِّمَنا، فسَلِمنا وغَنِمنا، يا رَسولَ اللهِ، فادعُ اللَّهَ لي بالشَّهادةِ، أي: فأُريدُ مِنك الآنَ أن تَدعوَ لي بالشَّهادةِ. فقال رسولُ اللهِ: اللهُمَّ سَلِّمْهم وغَنِّمْهم. فسَلِمنا وغَنِمنا. يَقولُ أبو أُمامةَ: ثُمَّ أتَيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقُلتُ له: يا رَسولَ اللهِ، مُرْني بعَمَلٍ، أي: أوصِني بعِبادةٍ تُناسِبُ حالي، أنالُ بها أجرًا عِندَ رَبِّي، وأتَقَرَّبُ بها إليه، فأوصاه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال: عليك بالصَّومِ، أي: الزَمِ الصَّومَ، وأكثِرْ مِنه؛ فإنَّه لا مِثلَ له، أي: لا نَظيرَ له في كَثرةِ الثَّوابِ والأجرِ. يَقولُ الرَّاوي عن أبي أُمامةَ -وهو رَجاءُ بنُ حَيوةَ-: فما رُئيَ أبو أُمامةَ ولا امرَأتُه ولا خادِمُه إلَّا صيامًا، أي: فما كان مِن أبي أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه إلَّا أنَّه استَجابَ لوصيَّةِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأمرِه، وسارَعَ إلى ذلك؛ فكان هو وامرَأتُه وخادِمُه يُكثِرونَ مِن صيامِ التَّطَوُّعِ. وكان إذا رُئيَ في دارِهم دُخانٌ بالنَّهارِ. وهذا كِنايةٌ عن تَحضيرِ الطَّعامِ وأنَّهم ليسوا بصائِمينَ، قيل: اعتَراهم ضَيفٌ! أي: جاءَهم ضَيفٌ، نَزَل بهم نازِلٌ، أي: إذا نَزَل بهم أحَدٌ أفطَروا ليَأكُلوا مَعَه وليُشارِكوه إكرامًا للضَّيفِ. والمَعنى: كان إذا رَأى شَخصٌ الدُّخانَ في بَيتِ أبي أُمامةَ في النَّهارِ عَرَف أنَّه قد جاءَهم ضَيفٌ؛ فلذلك قاموا بالطَّبخِ الذي يَلزَمُ مِنها إشعالُ النَّارِ وظُهورُ الدُّخانِ، وكُلُّ ذلك حتَّى يُكرِموا الضَّيفَ. ثُمَّ لَبِثَ بذلك ما شاءَ اللهُ، أي: ظَلَّ أبو أُمامةَ مُحافِظًا على الصِّيامِ فترةً مِنَ الزَّمَنِ، ثُمَّ جاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقال: يا رَسولَ اللهِ، أمَرتَنا بالصِّيامِ، فأرجو أن يَكونَ قد بارَكَ اللَّهُ لنا فيه يا رَسولَ اللهِ، أي: وَفَّقَنا اللهُ لهذا الخَيرِ والثَّوابِ في هذا العَمَلِ ورَزَقنا المُداوَمةَ عليه. فمُرْني بعَمَلٍ آخَرَ، أي: يَكونُ ثَوابُه عَظيمًا إضافةً إلى الصَّومِ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: اعلَمْ أنَّك لن تَسجُدَ للهِ سَجدةً إلَّا رَفعَ اللهُ لك بها دَرَجةً، وحَطَّ عنك بها خَطيئةً، أي: إنَّ كُلَّ سَجدةٍ تسجُدُها للَّهِ تَكونُ سَبَبًا لغُفرانِ الذُّنوبِ، ورَفعِ الدَّرَجاتِ وزيادةِ الحَسَناتِ؛ فيَكونُ ذلك سَبَبًا في دُخولِك الجَنَّةَ، والمُرادُ هنا الحَضُّ على كَثرةِ الصَّلاةِ؛ فعَبَّرَ عنِ الصَّلاةِ بالسُّجودِ؛ لأنَّه مِن أعظَمِ أركانِها؛ لأنَّ السُّجودَ غايةُ التَّواضُعِ والعُبوديَّةِ للهِ تعالى.
وفي الحَديثِ حِرصُ الصَّحابةِ على السُّؤالِ عن مَعالي الأُمورِ وتَمَنِّي الشَّهادةِ.
وفيه مَشروعيَّةُ طَلَبِ الوصيَّةِ مِنَ الصَّالحينَ.
وفيه استِجابةُ اللَّهِ لدُعاءِ نَبيِّه.
وفيه فضلُ الصِّيامِ.
وفيه فضلُ الصَّلاةِ.
وفيه فضيلةٌ ظاهرةٌ لأبي أُمامةَ وأهلِ بَيتِه رَضِيَ اللهُ عنهم .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها