الموسوعة الحديثية


- «لَأَعلَمَنَّ أقْوامًا مِن أُمَّتي يَأتونَ يَوْمَ القِيامةِ بحَسَناتٍ أمْثالِ جِبالِ تِهامةَ بِيضًا، فيَجعَلُها اللهُ عَزَّ وجَلَّ هَباءً مَنْثورًا». قالَ ثَوْبانُ: يا رَسولَ اللهِ، صِفْهم لنا، جَلِّهم لنا ألَّا نكونَ مِنهم ونحن لا نَعلَمُ، قالَ: «أَمَا إنَّهم إخْوانُكم، ومِن جِلْدتِكم، ويَأخُذونَ مِن اللَّيْلِ كما تَأخُذونَ، ولكنَّهم أقْوامٌ إذا خَلَوا بمَحارِمِ اللهِ انْتَهَكوها».
خلاصة حكم المحدث : حسن
الراوي : ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 189
التصنيف الموضوعي: رقائق وزهد - الترهيب من مواقعة الحدود وانتهاك المحارم رقائق وزهد - ذكر الذنوب إحسان - إبطال الأعمال إحسان - الحسنات والسيئات قيامة - أهوال يوم القيامة
| أحاديث مشابهة
جاءَتِ النُّصوصُ الشَّرعيَّةُ بالتَّحذيرِ مِنَ الذُّنوبِ عُمومًا بجَميعِ أنواعِها، وبذُنوبِ الخَلَواتِ بخُصوصِها، بأن يُظهِرَ الشَّخصُ للنَّاسِ في الظَّاهرِ الصَّلاحَ والتَّقوى، فإذا ابتَعَدَ عن أعيُنِ النَّاسِ لم يُراعِ نَظَرَ اللَّهِ تعالى، ووقَعَ في المُحَرَّماتِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبرُ ثَوبانُ رَضِيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: لأعلَمَنَّ، أي: أعرِفَنَّ، أقوامًا مِن أُمَّتي يَأتونَ يَومَ القيامةِ، أي: يَجيئونَ في أرضِ المَحشَرِ بحَسَناتٍ، أي: أعمالٍ حَسَنةٍ، أمثالِ جِبالِ تِهامةَ، أي: في العَظَمةِ والكَثرةِ، أو تَزِنُ مِثلَ هذه الجِبالِ، وتِهامةُ: خِلافُ نَجدٍ، وهيَ ما انخَفضَ إلى جِهةِ البَحرِ مِن أرضِ الحِجازِ، بِيضًا، أي: تلك الحَسَناتُ بَيضاءُ نَيِّرةٌ، فيَجعَلُها اللهُ عَزَّ وجَلَّ هَباءً مَنثورًا. الهَباءُ: غُبارٌ يَظهَرُ في ضَوءِ الشَّمسِ عِندَما تَدخُلُ الشَّمسُ في البَيتِ بالطَّاقةِ، أي: يُصَيِّرُ اللَّهُ هذه الحَسَناتِ هَباء مُنتَثِرًا مَعدومًا لا يُرى له أثَرٌ! قال ثَوبانُ: يا رَسولَ اللهِ، صِفْهم لنا، أي: اذكُرْ لنا يا رَسولَ اللهِ أوصافَ أولئِكَ القَومِ الذينَ يَجعَلُ اللهُ حَسَناتِهم هَباءً مَنثورًا، جَلِّهم لنا. مِنَ التَّجليةِ، وهو الكَشفُ والإيضاحُ، أي: اكشِفْهم ووَضِّحْهم لنا؛ لنَعرِفَهم بأوصافِهم، ألَّا نَكونَ مِنهم ونَحنُ لا نَعلمُ! أي: فنَحنُ نَخافُ أن نَكونَ مِن هؤلاء القَومِ ونَحنُ لا نَشعُرُ بذلك! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أمَا إنَّهم إخوانُكُم، أي: في الدِّينِ في ظاهِرِ حالِهم، ومِن جِلدَتِكُم، أي: مِن جِنسِكُم مِن بَني آدَمَ، لا مِنَ الجِنِّ ولا مِنَ المَلائِكةِ، ويَأخُذونَ مِنَ اللَّيلِ كَما تَأخُذونَ، أي: يَأخُذونَ مِن عِبادةِ اللَّيلِ نَصيبًا، ولكِنَّهم أقوامٌ إذا خَلَوا، أي: تَجَرَّدوا مِنَ النَّاسِ، بمَحارِمِ اللهِ انتَهَكوها، أي: استَخَفُّوا تَحريمَ ما حَرَّمَ اللهُ عليهم مِن مُحرَّماتِه بارتِكابِها وعَمَلِها، كَأنَّه تعالى لا يَراهم. والمَعنى: أنَّهم عَمِلوا أعمالًا صالحةً، ولكِنَّهم ضِعافُ العَزيمةِ وفيهم شَيءٌ مِنَ النِّفاقِ، يَتَظاهَرونَ بالخَيرِ والصَّلاحِ، وإذا أمكَنَ عِصيانُ اللهِ تعالى عَصَوا وانتَهَزوا فُرصةَ الخَلَواتِ لمُبارَزةِ رَبِّ الأرضِ والسَّمَواتِ بالذُّنوبِ والسَّيِّئاتِ؛ فجازاهمُ اللهُ تعالى بضَياعِ ثَوابِ ما عَمِلوه مِنَ الخَيرِ؛ إذ لم يَرتَدِعوا ويَنزَجِروا ويَتَباعَدوا عن مَحارِمِ اللهِ في الخَلوةِ، ولم يُعَظِّموا اللَّهَ تعالى.
وفي الحَديثِ التَّحذيرُ والوعيدُ الشَّديدُ مِن ذُنوبِ الخَلواتِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها