الموسوعة الحديثية


- أخبرَنا ابنُ عبَّاسٍ أنَّ أعمى كانت لَهُ أمُّ ولدٍ تشتُمُ النَّبيَّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ وتقعُ فيهِ ، فيَنهاها ، فلا تنتَهي ، ويزجرُها فلا تنزجرُ ، قالَ : فلمَّا كانت ذاتَ ليلةٍ ، جعلت تقعُ في النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ وتشتُمُهُ ، فأخذَ المِغولَ فوضعَهُ في بطنِها ، واتَّكأَ علَيها فقتلَها ، فوقعَ بينَ رِجليها طفلٌ ، فلطَّخَت ما هُناكَ بالدَّمِ ، فلمَّا أصبحَ ذُكِرَ ذلِكَ للنبي صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ ، فجمعَ النَّاسَ فقالَ : أنشُدُ اللَّهَ رجلًا فعلَ ما فعلَ لي عليهِ حقٌّ إلَّا قامَ قالَ ، فقامَ الأعمى يتخَطَّى النَّاسَ وَهوَ يتزلزلُ حتَّى قعَدَ بينَ يديِ النَّبيِّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، أَنا صاحبُها ، كانت تشتُمُكَ ، وتقعُ فيكَ ، فأنهاها فلا تَنتَهي ، وأزجرُها ، فلا تَنزجرُ ، ولي منها ابنانِ مثلُ اللُّؤلؤتينِ ، وَكانَت بي رفيقةً ، فلمَّا كانَ البارحةَ جعلَت تشتُمُكَ ، وتقعُ فيكَ ، فأخذتُ المِغولَ فوضعتُهُ في بطنِها ، واتَّكأتُ عليها حتَّى قَتلتُها ، فقالَ النَّبيُّ صلَّى اللَّه عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ : ألا اشهَدوا أنَّ دمَها هدَرٌ
خلاصة حكم المحدث : حسن رجاله رجال الصحيح
الراوي : عبدالله بن عباس | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 605
| التخريج : أخرجه أبو داود (4361)
التصنيف الموضوعي: حدود - حد من سب النبي صلى الله عليه وسلم ديات وقصاص - ما لا قود فيه ردة - حكم المرتد والمرتدة ردة - أخبار الردة والمرتدين ردة - حد الردة وما يتعلق به
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حُقوقٌ واجِبةٌ علينا؛ لِما له مِنَ المَكانةِ التي أعطاه اللهُ إيَّاها، ولِما حَصَل لنا بسَبَبِه مِنَ الخَيرِ العَظيمِ إلى قيامِ السَّاعةِ، ومِن حَقِّه علينا تَعظيمُه وتَوقيرُه وإجلالُه، والذَّبُّ عَنه مِمَّن تَنقَّص مِنه أو سَبَّه أو تَكَلَّمَ فيه، بَل إنَّ مُنتَقِصَه أو سابَّه إن كان مِنَ المُسلمينَ فيُعَدُّ مُرتَدًّا كافِرًا وحَدُّه القَتلُ، وإن كان مِنَ الكُفَّارِ وله عَهدٌ مَعَ المُسلمينَ فيُعَدُّ بسَبِّه للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ناقِضًا للعَهدِ ويَستَحِقُّ القَتلَ. وفي الحَديثِ يُخبرُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ أعمى، أي: رَجُلًا مِنَ الصَّحابةِ فاقِدًا للبَصَرِ، كانت له أمُّ وَلَدٍ -وهيَ الأَمَةُ يَطَؤُها سَيِّدُها ثُمَّ تَلِدُ له وَلَدًا، فتُسَمَّى أمَّ وَلَدٍ- تَشتِمُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: تَسُبُّه وتَقَعُ فيه. الوقيعةُ في النَّاسِ: الغِيبةُ، أي: تَعيبُه وتَذُمُّه وتَتَكَلَّمُ عليه، والظَّاهِرُ أنَّها كانت غَيرَ مُسلِمةٍ؛ ولذلك كانت تَجتَرِئُ على ذلك الأمرِ الشَّنيعِ، فيَنهاها، أي: سَيِّدُها الرَّجُلُ الأعمى يَنهاها عَن سَبِّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلا تَنتَهي، أي: فلا تَرضى أن تَمتَنِعَ عَنِ السَّبِّ، ويَزجُرُها، أي: يُعَنِّفُها على ذلك، فلا تَنزَجِرُ، أي: لا تَكفُّ لِسانَها، يَقولُ ابنُ عَبَّاسٍ: فلمَّا كانت ذاتُ ليلةٍ، أي: في ليلةٍ مِنَ اللَّيالي جَعَلت تَقَعُ في النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتَشتِمُه، أي: أخَذَت أمُّ الوَلَدِ هذه تَسُبُّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وتَعيبُه وتَذُمُّه. فأخَذَ سَيِّدُها الرَّجُلُ الأعمى، المَغْوَلَ. وهو سَيفٌ قَصيرٌ يَضَعُه الرَّجُلُ على وَسَطِه تَحتَ الثِّيابِ ويُغَطِّيه ليَغتالَ به النَّاسَ، فوضَعَه في بَطنِها، أي: وضَعَ الخِنجَرَ في بَطنِ أمِّ الوَلَدِ، واتَّكَأ عليها فقَتَلها، أي: تَحامَل عليها حتَّى قَتَلها، فوقَعَ بَينَ رِجلَيها طِفلٌ. لعَلَّه كان ولدًا لها، والظَّاهِرُ أنَّه لم يَمُتْ، فلَطَّخَت ما هناكَ بالدَّمِ، أي: لوَّثَتِ المَكانَ والفِراشَ بالدَّمِ الذي خَرَجَ مِنها مِن حَرَكَتِها وشِدَّةِ اضطِرابِها عِندَ القَتلِ، فلمَّا أصبَحَ، أي: فلمَّا كان وقتُ الصَّباحِ ذُكِرَ ذلك للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: ذَكَر النَّاسُ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قَتلَ أمِّ الوَلَدِ هذه. فجَمَعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم النَّاسَ، ثُمَّ قال لهم: أَنشُدُ اللَّهَ رَجُلًا، أي: أسألُه باللهِ وأُقسِمُ عليه، فَعَل ما فَعَل، أي: قَتَل هذه المَرأةَ، لي عليه حَقٌّ، أي: رَجُلًا مُسلِمًا يَجِبُ عليه طاعَتي وإجابةُ دَعوتي وتَعظيمي، إلَّا قامَ، أي: قامَ في هذا المَجلسِ واعتَرَف أنَّه الذي قَتَلها. فقامَ الرَّجُلُ الأعمى يَتَخَطَّى النَّاسَ، أي: يَمشي مِن بَينِهم، وهو يَتَزَلزَلُ، أي: يَتَحَرَّكُ ويَضطَرِبُ في مَشيِه خَوفًا، حتَّى قَعَدَ بَينَ يَدَيِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: قُدَّامَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. فقال: يا رَسولَ اللهِ، أنا صاحِبُها، أي: أنا الذي قَتَلتُها. ثُمَّ بَيَّنَ سَبَبَ قَتلِه لها، فقال: كانت تَشتِمُك وتَقَعُ فيك، فأنهاها فلا تَنتَهي، أي: فلا تَمتَنِعُ مِنَ السَّبِّ، وأزجُرُها فلا تَنزَجِرُ. ولي مِنها ابنانِ مِثلَ اللُّؤلُؤَتَينِ، أي: في الحُسنِ والبَهاءِ وصَفاءِ اللَّونِ، وكانت بي رَفيقةً، أي: تَخدُمُني وتُحسِنُ مُعامَلتي، وإنَّما قال ذلك ليَدفَعَ عَن نَفسِه تُهمَتَه في قَتلِها لغَيرِ ما ذَكَرَه، فبَيَّن أنَّها كانت رَفيقةً، وله مِنها أولادٌ صِغارٌ. فلمَّا كان البارِحةُ. وهيَ اللَّيلةُ الماضيةُ، جَعَلَت تَشتِمُك وتَقَعُ فيك، أي: أخَذَت تَسُبُّك وتَتَكَلَّمُ فيك، فلم أصبِرْ فأخَذتُ المَغْوَلَ فوضَعتُه في بَطنِها، واتَّكَأتُ عليها حتَّى قَتَلتُها. فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحاضِرينَ: ألَا اشهَدوا أنَّ دَمَها هَدَرٌ، أي: باطِلٌ، لا قِصاصَ فيه ولا ديةَ. ولعَلَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عَلِمَ بالوَحيِ صِدقَ قَولِ الرَّجُلِ.
وفي الحَديثِ بَيانُ أنَّ سابَّ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حَدُّه القَتلُ.
وفيه أنَّ الذِّمِّيَّ إذا لم يَكُفَّ لسانَه عَن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَنتَقِضُ عَهدُه، ولا ذِمَّةَ له.
وفيه أنَّه يَنبَغي لمَن سَمِعَ غِيبةَ مُسلمٍ أن يَرُدَّها ويَزجُرَ قائِلَها، لا سيَّما إذا كان مِمَّن له عليه حَقٌّ أو كان مِن أهلِ الفَضلِ والصَّلاحِ.
وفيه مَشروعيَّةُ ذِكرِ النَّاسِ ما يَعرِضُ لهم مِنَ الأُمورِ المُهمَّةِ للعالمِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها