الموسوعة الحديثية


- إنَّ فَتًى شابًّا أتى النَّبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال: يا رسولَ اللهِ، ائْذَنْ لي بالزِّنا، فأقبَلَ القَومُ عليه فزَجَروه وقالوا: مَهْ، مَهْ! فقال: ادْنُهْ، فدَنا منه قَريبًا، قال: فجَلَسَ، قال: أتُحِبُّه لأُمِّكَ؟ قال: لا واللهِ، جَعَلَني اللهُ فِداءَكَ، قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأُمَّهاتِهم، قال: أفتُحِبُّه لابنتِكَ؟ قال: لا واللهِ، يا رسولَ اللهِ، جَعَلَني اللهُ فِداءَكَ، قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لبَناتِهم، قال: أفتُحِبُّه لأُختِكَ؟ قال: لا واللهِ، جَعَلَني اللهُ فِداءَكَ، قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأَخَواتِهم، قال: أفتُحِبُّه لعَمَّتِكَ؟ قال: لا واللهِ، جَعَلَني اللهُ فِداءَكَ، قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لعَمَّاتِهم، قال: أفتُحِبُّه لخالتِكَ؟ قال: لا واللهِ، جَعَلَني اللهُ فِداءَكَ، قال: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لخالاتِهم، قال: فوَضَعَ يدَه عليه وقال: اللَّهُمَّ اغفِرْ ذَنبَه، وطَهِّرْ قَلبَه، وحَصِّنْ فَرْجَه، قال: فلمْ يَكُنْ بعدَ ذلك الفَتى يَلتفِتُ إلى شيءٍ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح
الراوي : أبو أمامة الباهلي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسند لشعيب | الصفحة أو الرقم : 22211
| التخريج : أخرجه أحمد (22211) واللفظ له، والطبراني (8/190) (7679)، وابن عدي في ((الكامل في الضعفاء)) (2/452)
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أحسَنَ النَّاسِ خُلُقًا وتَعليمًا لأصحابِه، وقد أوتيَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسلوبًا حَكيمًا في كَيفيَّةِ التَّعامُلِ مَعَ النَّاسِ ووعْظِهم بالتي هيَ أحسَنُ، حتَّى وإن وقَعَ الواحِدُ مِنهم في الذَّنبِ أوِ المَعصيةِ. وفي هذا الحَديثِ يُخبِرُ أبو أُمامةَ رَضِيَ اللهُ عنه، فيَقولُ: إنَّ فتًى شابًّا أتى النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُريدُ أن يَستَأذِنَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في الزِّنا، فقال الشَّابُّ: يا رَسولَ اللهِ، ائذَنْ لي بالزِّنا، أي: أريدُ مِنك إذنًا بمُمارَستي للزِّنا، فأقبَلَ القَومُ عليه فزَجَروه، أي: التَفَتَ الحاضِرونَ مِنَ الصَّحابةِ على الشَّابِّ يوبِّخونَه على طَلَبِه الإذنَ له بالزِّنا، وقالوا له: مَهْ مَهْ! مَهْ: مَعناها اسكُتْ، وكُرِّرَت للتَّأكيدِ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للشَّابِّ: ادْنُهْ. مِنَ الدُّنوِّ، وهو القُربُ، أي: اقتَرِبْ مِنِّي، فدَنا الشَّابُّ مِنَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حتَّى أصبَحَ قَريبًا مِنه، ثُمَّ جَلَسَ، فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أتُحِبُّه لأمِّك؟ أي: أتُحِبُّ الزِّنا لأمِّك؟ فقال الشَّابُّ: لا واللَّهِ، جَعَلَني اللهُ فداءَك، أي: لا أحِبُّه لأمِّي، فدَيتُك بنَفسي يا رَسولَ اللهِ. ثُمَّ قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأمَّهاتِهم، أي: كما أنَّك لا تُحِبُّه لأمِّك فالنَّاس كذلك لا يُحِبُّونَه لأمَّهاتِهم، وإذا كان ذلك فكَيف آذَنُ لك به، وكَيف تَرضاه لنَفسِك؟ وهَكَذا يُقالُ فيما بَعدَه. فقال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفتُحِبُّه لابنَتِك؟ أي: أتُحِبُّ الزِّنا لابنَتِك. فقال الشَّابُّ: لا واللَّهِ يا رَسولَ اللهِ، أي: كذلك أيضًا لا أحِبُّه لابنَتي، جَعَلَني اللهُ فداءَك. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لبَناتِهم، أي: كذلك النَّاسُ لا يُحِبُّونَ الزِّنا لبَناتِهم. ثُمَّ قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفتُحِبُّه لأختِك؟ أي: أتُحِبُّ الزِّنا لأختِك. فقال الشَّابُّ: لا واللَّهِ، أي: لا أحِبُّه لأختي، جَعَلَني اللهُ فداءَك، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لأخَواتِهم، أي: كذلك النَّاسُ لا يُحِبُّونَه لأخَواتِهم. ثُمَّ قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفتُحِبُّه لعَمَّتِك؟ أي: أتُحِبُّ الزِّنا لعَمَّتِك. فقال الشَّابُّ: لا واللَّهِ، أي: لا أحِبُّه لعَمَّتي. جَعَلَني اللهُ فداءَك، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لعَمَّاتِهم، أي: كذلك النَّاسُ لا يُحِبُّونَه لعَمَّاتِهم. ثُمَّ قال له رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أفتُحِبُّه لخالَتِك؟ أي: أتُحِبُّ الزِّنا لخالَتِك. فقال الشَّابُّ: لا واللَّهِ، أي: لا أحِبُّه لخالَتي. جَعَلَني اللهُ فداءَك، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ولا النَّاسُ يُحِبُّونَه لخالاتِهم، أي: كذلك النَّاسُ لا يُحِبُّونَه لخالَتِهم. والمَعنى: أنَّك إذا كُنتَ لا تُحِبُّ هذا الفِعلَ لقَرابَتِك فكَيف تُحِبُّه لقُرابةِ غَيرِك؟! ثُمَّ وضَعَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يَدَه على الشَّابِّ، وقال: اللهُمَّ اغفِرْ ذَنبَه، وطَهِّرْ قَلبَه، أي: نَظِّفْ وأزِلْ ما في قَلبِه مِن حُبِّ المَعاصي، ومِنها الزِّنا، وحَصِّنْ فَرجَه، أي: ارزُقْه العَفافَ، فلا يَقَعُ في الزِّنا. فلَم يَكُنْ بَعدَ ذلك الفتى يَلتَفِتُ إلى شَيءٍ، أي: أنَّ الشَّابَّ بَعدَ مَوقِفِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَه وببَرَكةِ دُعائِه له عَصَمَه اللهُ تعالى مِنَ الزِّنا وغَيرِه، وغَفرَ له ما تَقدَّمَ مِن ذَنبِه.
وفي الحَديثِ بَيانُ حُسنِ تَعامُلِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَعَ الشَّابِّ ورِفقِه به.
وفيه بَيانُ ما كان عليه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِن مَكارِمِ الأخلاقِ وحُسنِ السِّياسةِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ استِخدامِ الحِكمةِ والمَوعِظةِ في تَعليمِ النَّاسِ ودَعوتِهم.
وفيه مَنقَبةٌ عَظيمةٌ لهذا الشَّابِّ؛ حَيثُ دَعا له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بهذه الدَّعَواتِ المُبارَكاتِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها