الموسوعة الحديثية


- عن مُجاهِدٍ قال: كُنَّا نأتي عبدَ اللهِ بنَ عَمْرٍو وعندَهُ غَنَمٌ له، فكان يَسقينا لَبنًا سُخنًا، فسَقانا يومًا لَبنًا باردًا، فقُلْنا: ما شأنُ اللَّبنِ باردًا؟ قال: إنِّي تَنحَّيْتُ عنِ الغَنَمِ؛ لأنَّ فيها الكلبَ، وغُلامُهُ يسلُخُ شاةً، فقال: يا غُلامُ، إذا فرَغْتَ فابدَأْ بجارِنا اليهوديِّ حتَّى فعَل ذلك ثلاثًا، فقال له رجُلٌ منَ القومِ عرَفهُ مُجاهِدٌ: كمْ تذكُرُ اليهوديَّ، أصلَحكَ اللهُ؟ قال: سمِعْتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يوصِي بالجارِ حتَّى خَشِينا أو رِبْنَا أنَّه سيُورِّثُهُ.
خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح على شرط مسلم
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج مشكل الآثار | الصفحة أو الرقم : 2792
| التخريج : أخرجه أحمد (21462)، وابن خزيمة (2748)، والطبراني في ((المعجم الأوسط)) (847) باختلاف يسير
التصنيف الموضوعي: أشربة - اللبن أطعمة - أكل اللحم أشربة - ما يحل من الأشربة بر وصلة - إكرام الجار وعدم أذيته بر وصلة - حسن الخلق
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
عَظَّمَتِ الشَّريعةُ مَكانةَ الجارِ، وجاءَ التَّأكيدُ على حَقِّه والوصيَّةُ به في الكِتابِ والسُّنَّةِ، فلِلجارِ حُقوقٌ عَظيمةٌ، وحَذَّرَتِ الشَّريعةُ أيضًا مِن إيذاءِ الجارِ، وأنَّه لا يُؤمِنُ مَن آذى جارَه، وفي هذا الحَديثِ يَقولُ مُجاهِدُ بنُ جَبرٍ، وهو أحَدُ التَّابِعينَ: كُنَّا نَأتي عَبدَ اللهِ بنَ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما، أي: يَذهَبونَ إليه يَجلِسونَ عِندَه أو يَزورونَه، وكان مَعَ عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو مَجموعةٌ مِنَ الأغنامِ، فكان عَبدُ اللهِ يَسقيهم مِن لبَنِ الغَنَمِ لبَنًا سُخنًا، أي: حارًّا، يَقولُ مُجاهِدٌ: فسَقانا يَومًا لبَنًا بارِدًا، أي: أنَّهم أتَوا إليه في مَرَّةٍ مِنَ المَرَّاتِ فسَقاهم مِنَ اللَّبَنِ، وكان اللَّبَنُ بارِدًا وليسَ بحارٍّ مِثلَما كان كُلَّ مَرَّةٍ، فقالوا له: ما شَأنُ اللَّبَنِ بارِدًا؟ أي: لماذا اللَّبَنُ بارِدٌ هذه المَرَّةَ؟ فقال عَبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو: إنِّي تَنَحَّيتُ عَنِ الغَنَمِ؛ لأنَّ فيها الكَلبَ، أي: اليَومَ ابتَعَدتُ عَنِ الغَنَمِ لوجودِ كَلبٍ عِندَها، فلَم أستَطِعِ الذَّهابَ إليها وحَلبَها. والمَعنى -واللهُ أعلَمُ: أنَّه كان يَسقيهم دائِمًا اللَّبَنَ وهو حارٌّ بَعدَ حَلبِه مُباشَرةً مِنَ الشَّاةِ، وفي المَرَّةِ الأخيرةِ سَقاهم لبَنًا كان مَوجودًا مِن سابقٍ. وغُلامُه، أي: غُلامُ عَبدِ اللهِ، وهو عَبدُه وخادِمُه، يَسلُخُ شاةً، أي: قد ذَبَحَ شاةً ويَسلُخُ جِلدَها. فقال عَبدُ اللهِ للغُلامِ: يا غُلامُ، إذا فرَغتَ، أي: مِن سَلخِ الشَّاةِ، فابدَأ بجارِنا اليَهوديِّ، أي: ابدَأْ في تَوزيعِ لحمِ الشَّاةِ بالجارِ اليَهوديِّ، حتَّى فَعَل ذلك ثَلاثًا، أي: أنَّ عَبدَ اللهِ كان يُكَرِّرُ الكَلامَ على الغُلامِ أثناءَ سَلخِه للشَّاةِ بأن يَبدَأَ بالجارِ اليَهوديِّ، ففي رِوايةٍ: أنَّه كان يُحَدِّثُهم قَليلًا، ثُمَّ يُعيدُ الكَلامَ على الغُلامِ بأن يَبدَأَ بالجارِ اليَهوديِّ، فقال رَجُلٌ مِنَ القَومِ لعَبدِ اللَّهِ، عَرَفه مُجاهِدٌ، أي: ذَكَرَ مُجاهِدٌ اسمَه، أو كان يَعرِفُه: كَم تَذكُرُ اليَهوديَّ، أصلَحَك اللهُ! أي: أنَّك يا عَبدَ اللهِ أكثَرتَ مِن تَوصيةِ الغُلامِ باليَهوديِّ! والمَعنى: ما الدَّاعي أن توصيَ به، وهو يَهوديٌّ؟! فقال عَبدُ اللَّهِ: سَمِعتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يوصي بالجارِ، أي: فعَلتُ ذلك؛ لأنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أوصانا بالإحسانِ وإكرامِ الجارِ وعَدَمِ إيذائِه، وأكثَرَ علينا مِن ذلك، وقد فَهِمَ الصَّحابةُ مِن ذلك عُمومَ الجارِ، فيَشمَلُ كُلَّ مَن كان مُجاوِرًا له مِن مُسلِمٍ ذَكَرٍ أوِ امرَأةٍ، وكافِرٍ ذِمِّيٍّ أو غَيرِه مِمَّن هو مَعصومُ الدَّمِ، حتَّى خَشِينا، أي: ظَنَنَّا وحَسِبنا، أو رِبْنا. مِنَ الرِّيبةِ، بمَعنى الشَّكِّ، وفي رِوايةٍ: رَأَينا، أنَّه سَيُوَرِّثُه، أي: يَجعَلُ الجارَ وارِثًا في تَرِكةِ الجارِ مِثلَ ذَوي الفُروضِ والعَصَباتِ؛ وذلك لكَثرةِ ما كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُذَكِّرُنا ويوصينا بالجارِ.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ زيارةِ أهلِ العِلمِ والفَضلِ.
وفيه مَشروعيَّةُ إكرامِ الزَّائِرينَ باللَّبَنِ.
وفيه بَيانُ مَكانةِ الجارِ وإكرامُه والإحسانُ إليه ولو كان كافِرًا .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها