الحَجُّ رُكنٌ مِن أركانِ الإسلامِ، له أركانٌ وواجِباتٌ وسُنَنٌ، ولَه كذلك مَحظوراتٌ يَنبَغي على المُحرِمِ أن يَجتَنِبَها أثناءَ الإحرامِ، وقد بَيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم صِفةَ الحَجِّ بقَولِه وفِعلِه، وقال: خُذوا عنِّي مَناسِكَكُم، ومِن مَحظوراتِ الإحرامِ تَغطيةُ الرَّأسِ للرَّجُلِ، فالمُحرِم لا يُغَطِّي رَأسَه أثناءَ الإحرامِ، ولَو ماتَ وهو مُحرِمٌ فإنَّه لا يُغَطَّى رَأسُه، يَقولُ عَبدُ اللَّهِ بنُ عبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما: إنَّ رَجُلًا صَرَعَه بَعيرُه، أي: سَقَطَ مِن فوقِ ظَهرِ الجَمَلِ، فوقَصَه. الوقَصُ: كَسرُ العُنُقِ، أي: أنَّه سَقَطَ مِن فوقِ الجَمَلِ فكَسَرَ الجَمَلُ عُنُقَ الرَّجُلِ حتَّى ماتَ، وهو مُحرِمٌ، أي: والرَّجُلُ ما زالَ مُحرِمًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للصَّحابةِ: ألبِسوه ثَوبَينِ، أي: إزارًا ورِداءً، ويُحتَمَلُ اقتِصارُه له على التَّكفينِ في ثَوبَيه لكَونِه ماتَ فيهما وهو مُتَلَبِّسٌ بتلك العِبادةِ الفاضِلةِ، ويُحتَمَلُ أنَّه لَم يَجِدْ له غَيرَهما. واغسِلوه بماءٍ وسِدرٍ، أي: اغسِلوه كما تُغَسِّلوا المَيِّتَ بالماءِ والسِّدرِ، وهو وَرَقُ النَّبقِ، فيَكونُ غُسلُكُم له بالماءِ مَعَ السِّدرِ للمُبالَغةِ في الإنقاءِ والتَّنظيفِ، ولا تُغَطُّوا رَأسَه، أي: إذا كَفَّنتُموه فاحذَروا أن تُغَطُّوا رَأسَه؛ لأنَّه ما زالَ مُحرِمًا؛ فإنَّ اللَّهَ يَبعَثُه يَومَ القيامةِ يُلَبِّي، أي: على هَيئتِه التي ماتَ عليها ومَعَه عَلامةٌ لحَجِّه، وهيَ التَّلبيةُ التي هيَ شِعارُ الحَجِّ؛ دَلالةً على فضلِه وحُسنِ خاتِمَتِه.
وفي الحَديثِ مَشروعيَّةُ تَغسيلِ المَيِّتِ بماءٍ وسِدرٍ.
وفيه مَشروعيَّةُ الاكتِفاءِ بتَكفينِ المَيِّتِ بثَوبَينِ.
وفيه مَشروعيَّةُ التَّكفينِ في الثِّيابِ المَلبوسةِ.
وفيه أنَّ تَغَيُّرَ الماءِ بالطَّاهراتِ لا يُخرِجُ الماءَ عن كَونِه مُطَهِّرًا لغَيرِه.
وفيه أنَّ مَن شَرَع في عَمَلِ طاعةٍ، ثُمَّ حالَ بَينَه وبَينَ إتمامِه المَوتُ، رُجيَ له أن يَكتُبَه اللهُ في الآخِرةِ مِن أهلِ ذلك العَمَلِ.
وفيه النَّهيُ عن تَغطيةِ رَأسِ المُحرِمِ إذا ماتَ.
وفيه بَيانُ الحِكمةِ مِن عَدَمِ تَغطيةِ رَأسِ المُحرِمِ إذا ماتَ .