الموسوعة الحديثية


- عن أبي الحوراء قال: قلت للحسن بن علي ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: أذكر من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أني أخذت تمرة من تمر الصدقة فجعلتها في في قال فنزعها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلعابها فجعلها في التمر فقيل يا رسول الله ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي قال «وإنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة» قال وكان يقول «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة» قال وكان يعلمنا هذا الدعاء «اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك إنه لا يذل من واليت». قال شعبة: وأظنه قد قال هذه أيضا «تباركت ربنا وتعاليت».
خلاصة حكم المحدث : صحيح ورجاله ثقات
الراوي : الحسن بن علي بن أبي طالب | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 1/250
| التخريج : أخرجه أبو داود (1425)، والترمذي (464)، والنسائي (1745)، وابن ماجه (1178)، وأحمد (1723) واللفظ له
التصنيف الموضوعي: آفات اللسان - الكذب وما جاء فيه صدقة - لا تحل الصدقة على آل النبي صلى الله عليه وسلم اعتصام بالسنة - تعليم النبي السنن لأصحابه رقائق وزهد - اجتناب الشبهات رقائق وزهد - الوصايا النافعة
| أحاديث مشابهة |أصول الحديث
كان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُعَلِّمُ أصحابَه ما يَنفعُهم، ويُرشِدُهم إلى الخَيرِ، ويُحَذِّرُهم مِنَ الشَّرِّ، ولَم يَكُنْ تَعليمُه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مُقتَصِرًا على الكِبارِ، بَل كان أيضًا يَهتَمُّ بالصِّغارِ فيُرشِدُهم ويوجِّهُهم ويُعَلِّمُهم بَعضَ الأدعيةِ، وفي هذا الحَديثِ بَيانُ بَعضِ الأمورِ التي عَلَّمَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَسَنِ بنِ عَليٍّ رَضِيَ اللهُ عنهما، ابنِ بنتِه فاطِمةَ رَضِيَ اللهُ عنها، فيَقولُ أبو الحَوراءِ، وهو أحَدُ التَّابِعينَ، واسمُه رَبيعةُ بنُ شَيبانَ، قُلتُ للحَسَنِ بن عَليٍّ: ما تَذكُرُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، أي: ما هو الشَّيءُ الذي تَذكُرُه مِمَّا عَلَّمَك النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وذلك أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم توُفِّيَ والحَسَنُ بنُ عَليٍّ ما زالَ صَغيرًا لَم يَتَجاوز سِنُّه العاشِرةَ، فقال الحَسَنُ: أذكُرُ مِن رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنِّي أخَذتُ تَمرةً مِن تَمرِ الصَّدَقةِ فجَعَلتُها في فمي، أي: أنَّه كان ذاتَ يَومٍ وقد أخَذَ تَمرةً مِن تَمرِ الصَّدَقةِ الذي كان مَوجودًا عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فأخذ الحَسَنُ التَّمرةَ ووضَعَها في فمِه يُريدُ أكلَها، فنَزَعَ، أي: جَذَبَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم التَّمرةَ بلُعابِها فجَعَلَها في التَّمرِ، أي: أخرج رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم التَّمرةَ مِن فمِ الحَسَنِ وهيَ مُختَلِطةٌ بلُعابِ الحَسَنِ، ثُمَّ أعادَها رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم بَينَ التَّمرِ. وإنَّما فَعَل ذلك مُبالَغةً في عَدَمِ إيصالِ شَيءٍ مِن أثَرِها إلى جَوفِه؛ لأنَّها أوساخُ النَّاسِ، كما جاءَ في رِوايةٍ أخرى. فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، أي: قال بَعضُ مَن كان عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم: ما كان عليك مِن هذه التَّمرةِ لهذا الصَّبيِّ؟ أي: أنَّ أمرَ هذه التَّمرةِ يَسيرٌ. والمَعنى: أنَّ بَعضَ الحاضِرينَ فَهِم أنَّ أخذَ تَمرةٍ واحِدةٍ مِن تَمرِ الصَّدَقةِ لا يَضُرُّ بمَصلَحَتِها ولا يُعَدُّ سَرِقةً، لا سيَّما والذي أخَذَها صَبيٌّ صَغيرٌ لا تَكليفَ عليه، فما الذي يُغضِبُك أو ما الذي يُصيبُك يا رَسولَ اللهِ مِن قَبولِ هذه التَّمرةِ وتَركِها لهذا الصَّبيِّ؟ فبَيَّنَ له النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أنَّ الأمرَ لَيسَ كما فَهِمَ، وقال له: إنَّا -آلَ مُحَمَّدٍ- لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقةُ، أي: نَحنُ -مَعشَرَ آلِ مُحَمَّدٍ- مِن خَصائِصِنا أنَّه لا تَحِلُّ لَنا الصَّدَقةُ. وآلُ مُحَمَّدٍ: هم بَنو هاشِمٍ، وبَنو المُطَّلِبِ، وفي تَحديدِ آلِ بَيتِه صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم خِلافٌ. قال الحَسَنُ: وكان يَقولُ، أي: مِن الأمورِ التي عَلَّمَها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَسَنِ أنَّه قال: دَعْ ما يَريبُك. الرَّيبُ: الشَّكُّ، وقيلَ: هو الشَّكُّ مَعَ التُّهمةِ، أي: اترُكْ ما تَشُكُّ فيه مِنَ الأقوالِ والأعمالِ أنَّه مَنهيٌّ عنه أو لا، أو سُنَّةٌ أو بدعةٌ، أو كَونُه حَسَنًا أو قَبيحًا، أو حَلالًا أو حَرامًا، إلى ما لا يَريبُك، أي: إلى ما لا تَشُكُّ فيه أي: ما تَتَيَقَّنُ مِن حُسنِه وحِلِّه، والمَقصودُ أن يَبنيَ المُكَلَّفُ أمرَه على اليَقينِ البَحتِ والتَّحقيقِ الصِّرفِ، ويَكونَ على بَصيرةٍ في دينِه؛ فإنَّ الصِّدقَ طُمَأنينةٌ، أي: يَطمَئِنُّ إليه القَلبُ ويَسكُنُ، وإنَّ الكَذِبَ ريبةٌ، أي: يَقلَقُ له القَلبُ ويَضطَرِبُ. والمَعنى: أنَّ الحَقَّ يُعرَفُ بطُمَأنينةِ النَّفسِ إليه، والباطِلُ يُعرَفُ بقَلَقِ النَّفسِ واضطِرابِها، يَقولُ الحَسَنُ: وكان يُعَلِّمُنا هذا الدُّعاءَ، أي: أيضًا عَلَّمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم دُعاءً يَقولُه، وهو: اللهُمَّ اهدِني، أي: عَرِّفْني طَريقَ الهدايةِ، وثَبِّتْني عليها، أو زِدني مِن أسبابِ الهدايةِ إلى الوُصولِ لأعلى مَراتِبِ النِّهايةِ، فيمَن هَدَيتَ، أي: في جُملةِ مَن هَدَيتَهم أو هَديتَه مِنَ الأنبياءِ والأولياءِ، كما قال سُلَيمانُ عليه السَّلامُ: {وَأدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 19] ، وعافِني فيمن عافَيتَ، أي: سَلِّمْني مِن أسوأِ الأدواءِ والأخلاقِ والأهواءِ، وقيلَ: عافِني مِنَ النَّاسِ، وعافِهم مِنِّي، أي: أغنِني عنهم وأغنِهم عنِّي، واصرِفْ أذايَ عنهم واصرِفْ أذاهم عنِّي، وتوَلَّني فيمَن تَولَّيتَ، أي: تَولَّ أمري وأصلِحْه فيمَن تَولَّيتَ أمورَهم، ولا تَكِلْني إلى نَفسي، وبارِكْ، أي: أكثِرِ الخَيرَ لي، فيما أعطَيتَ، أي: في جَميعِ ما أعطَيتَني مِن عِلمٍ ومالٍ، وولَدٍ وقوَّةٍ، وسَمعٍ وبَصَرٍ وغَيرِ ذلك، وأصلُ البَرَكةِ: زيادةُ النَّفعِ وكَثرةُ الخَيرِ. وقِني، أي: احفَظني وصُنِّي، شَرَّ ما قَضَيتَ، أي: ما قَدَّرتَ لي مِن قَضاءٍ وقَدَرٍ فسَلِّمْني وعافِني؛ إنَّك تَقضي، أي: تَقدِرُ أو تَحكُمُ بكُلِّ ما أرَدتَ، ولا يُقضى عليك، أي: تَحكُمُ بما تُريدُ ولا يُحكَمُ عليك، ولا رادَّ لقَضائِك ولا مُعَقِّبَ لحُكمِك، إنَّه لا يَذِلُّ مَن والَيتَ. المُوالاةُ: ضِدُّ المُعاداةِ، أي: لا يُخذَلُ ويَصيرُ ذَليلًا مَن والَيتَه ونَصَرتَه مِن عِبادِك في الآخِرةِ أو في الدَّارَينِ، وإنِ ابتُليَ في الدُّنيا بأنواعِ البَلايا فإنَّ ذلك يَزيدُه رِفعةً عِندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، قال شُعبةُ، وهو أحَدُ الرُّواةِ: وأظُنُّه قد قال هذه أيضًا، أي: أنَّ الرَّاويَ قد قال هذا الحَديثَ، وزادَ كَلِمةَ: تَبارَكتَ رَبَّنا، أي: تَكاثَرَ خَيرُك في الدَّارَينِ. وتَعالَيتَ، أي: ارتَفَعَت عَظمَتُك، وظَهَر قَهرُك وقُدرَتُك. وجاءَ في رِوايةٍ: أنَّه عَلَّمَه أن يَقولَ هذا الدُّعاءَ في قُنوتِ الوِترِ.
وفي الحَديثِ حِرصُ التَّابِعينَ على سُؤالِ الصَّحابةِ على ما يَنفَعُهم مِمَّا عَلَّمَهمُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه حِرصُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على تَعليمِ الصِّغارِ.
وفيه حُرمةُ الصَّدَقةِ على آلِ مُحَمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
وفيه الحِرصُ على تَعليمِ الصِّغارِ وتَوجيهِهم وعَدَمِ التَّساهُلِ مَعَهم لكَونِهم صِغارًا.
وفيه أنَّه لا يُمكَّنُ الصَّغيرُ مِمَّا يَحرُمُ على الكَبيرِ.
وفيه البُعدُ عنِ الأمورِ المُشتَبِهةِ والحِرصُ على ما تَطمَئِنُّ له النَّفسُ.
وفيه فَضلُ الصِّدقِ.
وفيه مَشروعيَّةُ الدُّعاءِ بهذا الدُّعاءِ الذي عَلَّمَه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للحَسَنِ.
وفيه أهَمِّيَّةُ سُؤالِ اللهِ الهدايةَ والعافيةَ والوِلايةَ والبَرَكةَ.
وفيه إثباتُ أنَّ تَقديرَ الأشياءِ خَيرِها وشَرِّها مِنَ اللهِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها