يَومُ الجُمُعةِ يَومٌ فاضِلٌ، وهو مِن أفضَلِ أيَّامِ الأُسبوعِ، وقد خُصَّ بخَصائِصَ كَثيرةٍ، ومِنها صَلاةُ الجُمُعةِ مَعَ الخُطبَتَينِ؛ ولذا جاءَتِ النُّصوصُ بالحَثِّ على التَّبكيرِ لحُضورِ الجُمُعةِ وبَيانِ ما فيها مِنَ الأجرِ العَظيمِ، ومِن ذلك ما جاءَ في هذا الحَديثِ؛ حَيثُ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن غَسَّل واغتَسَل يَومَ الجُمُعةِ. قيل: إنَّه تَوكيدٌ ومُبالغةٌ في الاغتِسالِ ليَومِ الجُمُعةِ، وقيل: غَسَّل، أي: غَسَل رَأسَه حتَّى يَزولَ ما فيه مِن رائِحةٍ كَريهةٍ، لا سيَّما إذا كان شَعرًا كَثيفًا، واغتَسَل، أي: غَسَلَ سائِرَ جَسَده، وقيل: غَسَّل أي: جامَعَ زَوجَته؛ لأنَّه إذا جامَعَها أحوجَها إلى الغُسلِ. وقيل: غَسَل أعضاءَ الوُضوءِ، ثُمَّ اغتَسَل، وبَكَّر، أي: راحَ في أوَّلِ الوقتِ. وابتَكَرَ، أي: أدرَكَ أوَّلَ الخُطبةِ، ومَشى ولم يَركَبْ، أي: ذَهَبَ إلى صَلاةِ الجُمُعةِ ماشيًا على قدَمَيه ولم يَكُنْ راكِبًا على شَيءٍ، ودَنا مِنَ الإمامِ، أي: قَرُب مِن مَكانِ الإمامِ حتَّى يَستَمِعَ لِما يَقولُه الإمامُ في الخُطبةِ، فاستَمَعَ، أي: أنصَتَ للخُطبةِ؛ لأنَّه قد يَدنو مِنَ الإمامِ ولكِنَّه لا يُنصِتُ؛ ولهذا جُمِع بَينَهما، ولم يَلْغُ، أي: لم يَشتَغِلْ بغَيرِ الخُطبةِ ولم يَصدُرْ عنه لَغوٌ مِنَ القَولِ والفِعلِ- كان له بكُلِّ خُطوةٍ -وهيَ ما بَينَ القدَمَينِ- عَمَلُ سَنةٍ، أي: أجرُ عَمَلِ سَنةٍ. ثُمَّ وضَّحَها فقال: أجرُ صيامِها، أي: السَّنةِ، وقيامِها، أي: أجرُ قيامِ السَّنةِ في لياليها بالصَّلاةِ.
وفي الحَديثِ فَضلُ يَوم ِالجُمُعةِ.
وفيه مَشروعيَّةُ الاغتِسالِ يَومَ الجُمُعةِ.
وفيه فَضلُ التَّبكيرِ لصَلاةِ الجُمُعةِ.
وفيه فَضلُ القُربِ والدُّنوِّ مِنَ الإمامِ.
وفيه فَضلُ المَشيِ إلى الجُمُعةِ وتَركِ الرُّكوبِ.
وفيه فَضلُ الاستِماعِ والإنصاتِ للإمامِ.
وفيه تَركُ الاشتِغالِ بغَيرِ سَماعِ الخُطبةِ.
وفيه عَظيمُ فَضلِ اللهِ تعالى على عِبادِه .