الموسوعة الحديثية


- كُنَّا عنْدَ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ، فجاءَه رَجُلٌ مِن أهْلِ البادِيةِ، عليه جُبَّةُ سيجانَ، مَزْرورةٌ بالدِّيباجِ، فقالَ: أَلَا إنَّ صاحِبَكم هذا قد وَضَعَ كلَّ فارِسٍ ابنِ فارِسٍ، قالَ: يُريدُ أن يَضَعَ كلَّ فارِسٍ ابنِ فارِسٍ، ويَرفَعَ كلَّ راعٍ ابنِ راعٍ، قالَ: فأخَذَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ بمَجامِعِ جُبَّتِه، وقالَ: (أَلَا أرى عليك لِباسَ مَن لا يَعقِلُ؟)، ثُمَّ قالَ: (إنَّ نَبيَّ اللهِ نوحًا صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وسلَّمَ لمَّا حَضَرَتْه الوَفاةُ قالَ لابنِه: إنِّي قاصٌّ عليك الوَصيَّةَ: آمُرُك باثْنتَينِ، وأَنْهاك عن اثْنتَينِ؛ آمُرُك بلا إلهَ إلَّا اللهُ؛ فإنَّ السَّمَواتِ السَّبْعَ والأرَضينَ السَّبْعَ لو وُضِعَتْ في كِفَّةٍ ووُضِعَتْ لا إلهَ إلَّا اللهُ في كِفَّةٍ، رَجَحَتْ بِهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، ولو أنَّ السَّمَواتِ السَّبْعَ والأرَضينَ السَّبْعَ كُنَّ حَلْقةً مُبْهَمةً قَصَمَتْهنَّ لا إلهَ إلَّا اللهُ، وسُبْحانَ اللهِ وبحَمْدِه؛ فإنَّها صَلاةُ كلِّ شيءٍ، وبها يُرزَقُ الخَلْقُ، وأَنْهاك عن الشِّرْكِ والكِبْرِ، قالَ: قُلْتُ -أو قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، هذا الشِّرْكُ قد عَرَفْنا، فما الكِبْرُ؟ قالَ: أن يكونَ لأحَدِنا نَعْلانِ حَسَنتانِ، لهما شِراكانَ حَسَنانِ؟ قالَ: لا، قالَ: أن يكونَ لأحَدِنا حُلَّةٌ يَلبَسُها؟ قالَ: لا، قالَ: الكِبْرُ: هو أن يكونَ لأحَدِنا دابَّةٌ يَركَبُها؟ قالَ: لا، قالَ: أفهو أن يكونَ لأحَدِنا أصْحابٌ يَجلِسونَ إليه؟ قالَ: لا، قيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فما الكِبْرُ؟ قالَ: (سَفَهُ الحَقِّ، وغَمْصُ النَّاسِ).
خلاصة حكم المحدث : صحيح
الراوي : عبدالله بن عمرو | المحدث : الوادعي | المصدر : الصحيح المسند | الصفحة أو الرقم : 801
التصنيف الموضوعي: إسلام - فضل الشهادتين أنبياء - نوح رقائق وزهد - الكبر والتواضع أدعية وأذكار - فضل التحميد والتسبيح والدعاء إيمان - الشرك ظلم عظيم
| أحاديث مشابهة
مِن أعظَمِ الأعمالِ التي يَأتي بها العَبدُ يَومَ القيامةِ الشَّهادَتانِ، بأن يَشهَدَ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ، وقد جاءَتِ النُّصوصُ الكَثيرةُ ببَيانِ فَضلِهما وبَيانِ مَنزِلَتِهما في الدِّينِ، وأنَّهما سَبَبُ النَّجاةِ في الدُّنيا والآخِرةِ؛ ففي الدُّنيا يَنجو مَن قال أشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللهِ مِنَ القَتلِ، فيَعصِمُ بهما دَمَه ومالَه، وفي الآخِرةِ يَكونُ جَزاؤُه الجَنَّةَ إمَّا ابتِداءً إذا خَلا مِنَ الذُّنوب والمَعاصي، وإمَّا انتِهاءً إذا دَخَلَ النَّارَ، فأهلُ التَّوحيدِ مَصيرُهم إلى الجَنَّةِ، ولا يُخلَّدُ أحَدٌ مِن أهلِ التَّوحيدِ في النَّارِ، ومِمَّا جاءَ في فَضلِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ أنَّها تَرجَحُ على السَّمواتِ السَّبعِ والأرَضينَ السَّبع؛ ففي الحَديثِ يَقولُ عبدُ اللهِ بنُ عَمرٍو رَضِيَ اللهُ عنهما: كُنَّا عِندَ رَسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، أي: كانوا جُلوسًا عِندَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يُحَدِّثُهم، فجاءَ إلى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رَجُلٌ مِن أهلِ الباديةِ، أي: الذينَ يَسكُنونَ في الباديةِ، وهيَ المَكانُ الواسِعُ فيه المَرعى والماءُ خارِجَ المَدينةِ، والسَّاكِنُ فيها يُقالُ له بدَويٌّ، عليه جُبَّةٌ، وهيَ ثَوبٌ سابغٌ واسِعُ الكُمَّينِ مَشقوقُ المُقدَّمِ، يُلبَسُ فوقَ الثِّيابِ، سيجان، جَمعُ ساجٍ، وهو الطَّيلسانُ الأخضَرُ، مَزرورةٌ بالدِّيباجِ، وهو نَوعٌ مِن ثيابِ الحَريرِ، فقال البَدَويُّ: ألا إنَّ صاحِبَكُم هذا -يَقصِدُ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم- قد وضَعَ كُلَّ فارِسٍ ابنِ فارِسٍ، قال: يُريدُ أن يَضَعَ كُلَّ فارِسٍ ابنِ فارِسٍ، أي: إمَّا لأنَّه راعٍ فإذا لَبسَ ما كان لباسًا لفارِسٍ لَزِمَ حَطُّهم؛ حَيثُ صارَ لباسُهم لِباسَ الرُّعاةِ، أو لأنَّ هذا اللِّباسَ فوقَ لباسِهم عادةً؛ ففي اتِّخاذِه حَطٌّ لَهم، ويُرفَعُ كُلُّ راعٍ ابنُ راعٍ، أي: إمَّا لأنَّه مِن هذا الجِنسِ، فبارتِفاعِه ارتَفعَ جِنسُه، أو لأنَّه حينَ لَبِسَ يَرغَبُ في لُبسِه مَن كان مِن جِنسِه، فإذا لَبسوا ارتَفعوا. فأخَذَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بمَجامِعِ جُبَّتِه، أي: أخَذَ بأطرافِ جُبَّةِ الرَّجُلِ، وقال له: ألَا أرى عليك لباسَ مَن لا يَعقِلُ؟! أي: أنِّي أراك تَلبَسُ لُبسَ مَن لا يَفهَمُ ولا يَعرِفُ حَقيقةَ الأمرِ، ثُمَّ قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: إنَّ نَبيَّ اللهِ نوحًا عليه السَّلامُ لمَّا حَضَرَته الوفاةُ، أي: قَرُبَ أجَلُه، قال لابنِه: إنِّي قاصٌّ عليك الوصيَّةَ، أي: سَأُخبرُك وأوصيك، آمُرُك باثنَتَينِ، وأنهاك عنِ اثنَتَينِ، أي: عليك بأمرَينِ واجتَنِبْ أمرَينِ؟ آمُرُك بلا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ فإنَّ السَّمَواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ لَو وُضِعَت في كِفَّةٍ، أي: جانِبٍ وفَردةٍ مِن زَوجَي الميزانِ، ووُضِعَت لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ في كِفَّةٍ، أي: في الجانِبِ والفَردةِ الأُخرى مِنَ الميزانِ، رَجَحَت، أي: غَلَبَت بهنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ وذلك لعَظيمِ كَلمةِ التَّوحيدِ، فلا يَثقُلُ ولا يَرجَحُ على اسمِ اللهِ شَيءٌ. ولَو أنَّ السَّمَواتِ السَّبعَ والأرَضينَ السَّبعَ كُنَّ حَلقةً مُبهَمةً، أي: دِرعًا غَيرَ مَعلومةِ المَدخَلِ أوِ الطَّرَفِ، قَصَمَتهنَّ، أي: قَطَعَتهنَّ وكَسَرَتهنَّ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ. وسُبحانَ اللَّهِ وبحَمدِه؛ فإنَّها، أي: سُبحانَ اللَّهِ وبحَمدِه، صَلاةُ كُلِّ شَيءٍ، وبها يُرزَقُ الخَلقُ. فكُلُّ الخَلقِ يُسَبِّحونَ بحَمدِ رَبِّهم، وبذِكرِه يُرزَقونَ، وأنهاك عنِ الشِّركِ والكِبرِ، فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، هذا الشِّركُ قد عَرَفْنا، أي: عَرَفْنا مَعناه، وهو اتِّخاذُ نِدٍّ للَّهِ تعالى، وصَرْفُ أيّ نَوعٍ مِن أنواعِ العِبادةِ لغَيرِ اللهِ تعالى. فما الكِبرُ؟ أي: ما مَعنى الكِبرِ وما المَقصودُ به؟ هَل هو أن يَكونَ لأحَدِنا نَعلانِ حَسَنَتانِ، أي: هَل الكِبرُ هو أن يَكونَ لأحَدِنا نَعلانِ جَميلَتانِ، لَهما شِراكانِ. والشِّراكُ هو أحَدُ سُيورِ النَّعلِ التي تَكونُ على وَجهِها، حَسَنانِ؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَهم: لا، أي: ليس هو ذلك. فقيلَ له: فهَل هو أن يَكونَ لأحَدِنا حُلَّةٌ يَلبَسُها؟ والحُلَّةُ: الثَّوبُ الذي يَشتَمِلُ على رِداءٍ وإزارٍ، فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَهم: لا. فقيلَ: فهَل الكِبرُ: هو أن يَكونَ لأحَدِنا دابَّةٌ يَركَبُها؟ فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَهم: لا. فقيلَ: فهَل هو أن يَكونَ لأحَدِنا أصحابٌ يَجلِسونَ إليه؟ أي: يَجلِسونَ مَعَه ويَتَحَدَّثونَ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لَهم: لا، أي: ليس هو كذلك. فقيلَ: يا رَسولَ اللهِ، فما الكِبرُ؟ أي: بَيِّنْ لَنا إذَنْ ما الكِبرُ. فقال رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: سَفَهُ الحَقِّ، وغَمصُ النَّاسِ، أي: أنَّ حَقيقةَ الكِبرِ هو سَفَهُ الحَقِّ، أي: الاستِخفافُ بالحَقِّ وألَّا يَراه حَقًّا، بَل يَراه باطِلًا فلا يَقبَلُه، ويَتَرَفَّعُ عنه، وغَمصُ النَّاسِ، أي: احتِقارُهم وألَّا يَراهم شَيئًا.
وفي الحَديثِ بَيانُ جَفاءِ الأعرابِ وقِلَّةِ أدَبِهم وجَهلِهم.
وفيه الشِّدَّةُ والغِلظةُ على أهلِ الجَفوةِ.
وفيه وصيَّةُ الأنبياءِ بالتَّوحيدِ.
وفيه فضلُ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ.
وفيه إثباتُ كَونِ الأرَضينَ سَبعًا.
وفيه فضلُ سُبحانَ اللَّهِ وبحَمدِه.
وفي النَّهيُ عنِ الشِّركِ.
وفيه النَّهيُ عنِ الكِبرِ.
وفيه بَيانُ مَعنى الكِبرِ.
وفيه أنَّ لُبسَ الثَّوبِ المُرتَفِعِ وإن لَم يَكُنْ كِبرًا قد يُؤَدِّي إلى التَّكَبُّرِ .
تم نسخ الصورة
أضغط على الصورة لنسخها